(عقدة) الإتجاه جنوباً

في محاولاتها تحديث المناهج
وزارة التربية والتعليم .. (عقدة) الإتجاه جنوباً


** وضعت المناهج في السابق بحيدة وإستقلالية غير مشبوهة مماجعلها مكتظة بما يفيد الطالب
** تخوفات تربويين من رغبة وزارة التربية والتعليم في ( تنقية )المناهج مما له علاقة بالجنوب
** تربويون يصفون القرار بالسياسي ويقولون ( التربية لاتنشغل بالأمور السياسية )
** المناهج تحتاج إلى إعادة نظر بالتركيز على التربية الريفية والتدبير المنزلي والجمعيات الادبية




الخرطوم : نبوية سرالختم
ودعت المناهج الدراسية في بواكير عهد حكومة الإنقاذ ( منقو زمبيري) عندما ألغت رحلته وآخرين تلك الرحلة الشهيرة التي كان يطالعها تلاميذ المدارس الإبتدائية بالبلاد بدءً من القولد مروراً بريره وغيرها من المدن إنتهاء بموطن (منقو ) بجنوب البلاد .. كانت هذه الرحلة تعبر في ذاتها عن الرحلة التي كان يقوم بها خبراء عديدون في العطلة الصيفية عندما يهم معهد بخت الرضا بإعداد مناهج دراسية .. كان هؤلاء الخبراء يجوبون البلاد شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً ثم ياتون منها بحصيلتهم التربوية لهذه المناهج من بيئات متنافرة ثم يوضع بعدها وفق معايير محددة منها : قوميته وإرتباطه بالحضارة والثقافة والأديان والعادات والتقاليد فضلاً عن حكايته عن رموز الوطن والإرث التأريخي كما ويوضع بواسطة قدامى المعلمين بحيدة وإستقلالية غير مشبوهة على ذلك كان المنهج قوياً وثراً ومكتظاً بما يفيد الطالب حسب الفئة العمرية كما يتناسب والبيئة التي يعيش فيها وملائماً لكل البيئات السودانية المختلفة .
مخاوف عديدة سيطرت على الأوساط التعليمية والتربوية عندما أعلنت وزارة التربية والتعليم العام مطلع هذا الشهر عن رغبتها تنقية المعلومات التى تشير الى دولة جنوب السودان فى المناهج والمقررات الدراسية ورصدت لذلك ميزانية ضخمة في إطار مشروع لترقية وتحديث البيانات والمعلومات الخاصة بالمسار التربوى بالبلاد... مصدر تلك المخاوف ماحدث في بداية حكم الإنقاذ عندما تم تغيير السلم التعليمي ووضعت مناهج جديدة يقال عنها أنها كانت ضبابية وعشوائية واصبحت العنصرية والجهوية والسياسة لها وجودها فيه وعلى علاقة وطيدة به الأمر الذي يضع إفتراض تعتيم بل وطمس كل ماله علاقة بدولة جنوب السودان مما ينافي والعملية التعليمية والتربوية والتي لاتنشغل عادة بتلك الأمور .
الشاهد حاولت أن تناقش وضعية المعلومات الخاصة بدولة جنوب السودان الوليدة في المناهج الدراسية مستقبلاً من خلال خبراء ومختصين في إطار ما صاغته وزارة التربية والتعليم عن رغبتها في ( تنقية ) المناهج مما له علاقة بالجنوب ومحاولة توضيح ما ينبغي عليه وضعية تلك المعلومات لتحقيق الفائدة المنشودة منها تعليمياً وتربوياً .
يقول الخبير التربوي حسين الخليفة الحسن : أعتقد أن المناهج الحالية لاتحتوي معلومات كثيرة عن جنوب السودان فليس هنالك دروس أو مادة مخصصة عنه فكل ماهو موجود لايتجاوز معلومات جغرافية فمن رأيي أن  تستمر هذه المعلومات بل يجب ان تضاف دروس أخرى توضح حقائق للتاريخ وترسخ لمفاهيم الوحدة الموجودة أصلاً في وجدان الشعبين ويذهب الخليفة إلى أن الخلفيات التي تريد ان تنقي المنهج من المعلومات التي تشير للجنوب هي خلفيات سياسية وأعتقد انه قرار فردي وليس قرار لجنة أو مجموعة ونأمل أن لايعمل به ويضيف : نحن كمعلمين لانقبل حذف كل مايخص الجنوب من المنهج لأن ما يتم الحديث عنه عمل سياسي والتربية لاتنشغل بالأمور السياسية إطلاقاً عليه ارى ان القرار الفردي لايعمل به في إعداد مناهج تربوية قومية .
وعن وضعية المناهج بصفة عامة يقول : طالبنا بمراجعة هذه المناهج مراجعة دقيقة بواسطة لجنة من الخبراء حتى تسير على الطريق المستقيم وان لاتشوبها إي شائبة من جهوية أو عنصرية فالمناهج ملك للجميع وهي قومية ويجب ان تتحدث عن السودان وضرورات الإنتماء له وليس التمزق والإنفصال وخلق المشاكل بين القبائل ولابد ان تستمد هذه المناهج روحها من ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا وكل النظريات الحديثة التي ظهرت في عالم العولمة الحالي أي تحديث المناهج أصبح ضرورة فكما قال نائب رئيس الجمهورية على عثمان محمد طه : ( إن مناهجنا تتوكأ على عصا عتيقة لابد من مراجعتها ) نعم نحن مع مراجعة المناهج لتواكب العصر الحالي مناهج قومية فيها التربية الوطنية وتنمي تاريخ السودان الحديث الذي إنطوى وأندثر .
أما الخبير التربوي عثمان بوب فيقول : انا مع تصحيح المعلومات الموجودة عن جنوب السودان لكن ليس مع طمسها نهائياً وذلك بوضعها في مكانها الصحيح بل أرى إضافة معلومات لم تكن موجودة مثل ما يجري الحديث عن دول أخرى لايربطنا بها أي رابط جغرافي فالحدود التي تربطنا بدولة جنوب السودان أصبحت من أطول الحدود مقارنة بالأخريات بخلاف  الخريطة يفترض ان تكون هنالك معلومات توضح ماكان وصلتها الجديدة معنا لتعزيز معرفة التلاميذ ومواكبة مستجدات مايحدث في العصر الحالي .
وفي ما يخص المناهج القديمة يقول بوب : انها تميل إلى حشو عقول التلاميذ ففي السابق كان هنالك كتاب يسمى ( كتاب الموضوعات ) كان المعلمين يتعلمون منه كيف يتم توصيل المعلومات للتلاميذ بابسط الطرق وذلك عبر رسومات كاركتيريه ولكن إذا قارنا الوضع بماعليه الحال الآن فالوضع الآن يحتاج إلى إعادة نظر بالتركيز على الجانب العملي والمناشط التي ألغيت بما فيها التربية الريفية والتدبير المنزلي والجمعيات الادبية وأصبحت هذه المناشط تستبدل بحصص مثل الرياضيات وتحفيظ القرآن ويذهب إلى القول ان الوزارة المعنية بالتعليم في البلاد تسمى وزارة التربية والتعليم ماحدث ان تم إلغاء جانب التربية والتركيز على التعليم بعلاته وسلبياته فأصبح حاله لاتربية ولاتعليم سليم والدليل ان أبناءنا قي سن (14) عام يجهلون ابسط أبجديات الحياة فالمناهج أهملت الكثير من المعلومات التي تفيد التلميذ والمعلم في نفس الوقت فقد كان المعلم في السابق يقضي في التدريب عامان لكن الآن يدرس الأبناء مجندي الخدمة الوطنية .
لم تكن دعاوى تنقية المناهج الدراسية من كل ما يشير إلى جنوب السودان فقد كانت هنالك دعاوى مسبقة قبل انفصال حكومة جنوب السودان سياسيا عن الشمال، فقد سعى وزراؤها من قبل ليكون الانفصال كاملا، وتجلى ذلك بدعوة وزير التربية والتعليم حسين مايكل ميلي للتخلص من المناهج التي تستخدم اللغة العربية في جميع مدارس الجنوب، والاتجاه إلى تكثيف تدريس اللغة الإنجليزية. ويرى خبراء أن خطوة كتلك يمكن أن يمتد أثرها السلبي على علاقات الدولة الجديدة بالعالم العربي .
وظلت اللغة العربية تمثل القاسم المشترك لكافة قبائل الجنوب المتعددة ذات الازدواج اللغوي فهي لغة التواصل والتفاهم، فهناك المجموعة الاستوائية التي أطلقت على لغتها (عربي جوبا)، ومجموعة (واو) أطلقت (عربي واو)، وهي لغة عربية خليط باللهجات المحلية.
التحول من اللغة العربية إلى الإنجليزية أو غيرها من اللغات في دولة جنوب السودان يراه مراقبون تحديا فهناك أكثر من مليون ونصف المليون طالب في مختلف المراحل الدراسية تلقوا تعليمهم باللغة العربية في الشمال، عادوا إلى الجنوب عقب الانفصال، إضافة إلى المساحة الواسعة التي تحتلها العربية كلغة تخاطب يومي بين سكان الجنوب.
ويرى رئيس مجمع اللغة العربية بالسودان علي أحمد محمد بابكر في تصريح صحافي : أن العربية هي لغة التخاطب والتعليم في الجنوب لفترة طويلة، وتعتبر الرابط بين قبائله كافة، والصلة في علاقته مع دولة الشمال التي تجمعها بالجنوب مصالح مشتركة في الحاضر والمستقبل.
ويلفت بابكر في حديث للجزيرة نت إلى أن دولة الجنوب تسعى لعلاقات مع جميع الدول العربية و"ليس من الصواب إلغاء العربية من مناهجها التعليمية"، ويضيف "هناك آلاف الطلاب درسوا في جامعات الشمال، وبالتالي يجب أن تتنبه حكومة الجنوب للأمر خاصة وأن دولاً عديدة غير عربية تحرص على تدريس العربية من أجل التواصل مع الدول الناطقة بها. واللغات عموماً وسيلة تواصل، ومن الخطأ قطع هذه الوسيلة".
وتابع رئيس مجمع اللغة العربية بالسودان "أهل الجنوب لا يريدون القطيعة مع الشمال، وفي ظننا هناك ارتباط ثقافي واجتماعي واقتصادي وسيلته اللغة العربية".
أما وزير الشؤون الدينية السابق وأحد أبناء الجنوب الدكتور عبد الله دينق نيال المتخصص في اللغة العربية فقال إن العربية سوف تستمر كلغة تخاطب وتفاهم في مجتمع الجنوب لعقود طويلة، وقد تقصى من المدارس لكنها ستظل في وجدان الناس. ومن مصلحة حكومة الجنوب أن تظل اللغة العربية بالجنوب من أجل التواصل مع العالم العربي فهناك فوائد اقتصادية وسياسية وليس من المصلحة محاربة اللغات لأنها ظواهر إنسانية وليست سياسية.
من جهته قال أستاذ التاريخ الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية عطا محمد أحمد إن حاكم إقليم كردفان السابق "نيوبولد" البريطاني الجنسية ذكر بأن لغة التدريس ترتبط باللغة الشائعة في المجتمع، وقارن بين اللغتين العربية والإنجليزية التي كانت سائدة في التدريس بالسودان شمالاً وجنوباً من حيث فائدتها لمجتمعات التداخل اللغوي في السودان.
وأردف عطا "الإنجليزية تعتبر لغة عالمية لكنها في واقع الأمر عديمة الفائدة حيث يصعب فهمها، وما يسمى (عربي جوبا) تمدد بشكل واسع على نطاق الجنوب وتتفاهم به معظم الإثنيات الجنوبية مما يستوجب تبني اللغة العربية في التعليم، وسبق أن شهد خبراء في اللغة الإنجليزية بأن العربية تصلح لغة تعليم في مناطق التداخل اللغوي في جنوب السودان وجبال النوبة نظرا لتداولها وفعاليتها".
أما وكيل جامعة بحر الغزال الفاتح الأمين فيؤكد أن الانتقال المباشر للتدريس باللغة الإنجليزية دون التدرج فيه استحالة وصعوبة وتحديات كبيرة لأن اللغة العربية سبقت كافة اللغات تاريخياً وإنسانياً في جنوب السودان.
وقياساً على ذلك يقول أستاذ علم الإجتماع حسن محمد صالح لـ (الشاهد ) : ماحدث من إنفصال بين شمال السودان وجنوبه هو إنفصال سياسي وليس ثقافي أو إجتماعي ويعضض ذلك وجود تداخل إجتماعي وثقافي وعرقي بين السكان ولتعزيز هذا التداخل والتواصل من الأفضل أن تضع المناهج الدراسية هذا الأمر في الإعتبار بحيث يؤدي إلى إستمرارية هذا التواصل فبرغم مقررات السياسة فإن الجغرافية لايمكن تجزئتها وبالتالي ليس بالضرورة التعجل بتغيير المناهج أو حذف أي جزئية خاصة بالجنوب منه لان هذا الحذف سيؤدي إلى إعاقة هذا التواصل الذي يفترض ان يكون مستمراً فليس بالضرورة ان تكون هنالك وحدة سياسية بل الوحدة الإجتماعية والثقافية مهمة .
وفي ما يخص تأثير هذا التغيير يقول : ستكون هنالك آثار سلبية على التنشئة الإجتماعية في المستقبل لأنها مجتمعات تعيش في منطقة ثقافية واحدة لايمكن عزلها فهنالك نسيج إجتماعي إستمر لعقود لايمكن ان ينتهي سواء كان هنالك وحدة أو إنفصال سياسي وبالتالي فالمناهج لها دور أساسي في تغيير المفاهيم لانها تقدم في مؤسسات تربوية وللأطفال منذ سن مبكرة بالتالي يكون لها دور مهم في تكوين الشخصية والتفكير والمفاهيم ومع التقدم التكنولجي والإعلامي أصبح من العسير تطبيق العزل الثقافي إذا لم يكن مستحيلاً .
مما سبق يرى الكثير من المراقبين ضرورة أن لايجري تعديل المنهج الحالي ليواكب الوضع السياسي الماثل بمحاولات فاشلة لإبراز علاقة الدين بالدولة لأن الاسلوب الذي يرتكز على المناهج الدراسية بما تتضمنه من موضوعات دراسية وانشطة دراسية مختلفة سواء كانت صفية وغير صفية ويعود لما يتلقفه الطالب من معارف ومعلومات ومهارات وتوظيف هذا الكم الهائل الى سلوك يمارسه في حياته اليومية وينطبع عليه في تفاعله مع الاخرين ويبرز الدور الذي تقوم به المدرسة في تربية الابناء والبنات وتهذيبهم وتلمس الاثر الملموس من التربية والتعليم موضوعات مواد القرآن الكريم والحديث والسلوك والتهذيب والعلوم والتاريخ والانشاء والرياضة والفنون وغيرها تزخر بالكثير المفيد للطالب لكنها لاتستثمر بالشكل المطلوب فالمطلوب ترجمة موضوعات المنهج الى سلوك ايجابي مستثمر كالاستفادة من موضوعات مادة التربية الاسلامية عمليا ومايتعلق بالنظافة والعدل والمساواة والاخوة الاسلامية والخدمة العامة واماطة الاذى عن الطريق والاهتمام بالجار وادارة الغضب والصبر والتسامح واستثمار موضوعات التاريخ والوطنية كتقليد النماذج الصالحة والقدوات الحسنة في المجتمع او من سير السلف الصالح















تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ضحايا الإتجار بالبشر من لهم إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(3-3)

مسلسل إغتيال الأراضي الزراعية بولاية الخرطوم

السودان ... العنف الجنسي يتخلل اكبر عملية نزوح على مستوى العالم