لنفايات الطبية قنابل في أيدي ( البركاته )"1-2"

النفايات الطبية
قنابل في أيدي ( البركاته )"1-2"
** لا توجد إستراتيجية معتمدة في السودان للتخلص من النفايات
** عدم وجود نظام تصنيف في المستشفيات ساهم في اختلاط النفايات الطبية بغيرها
** النفايات الخطرة تفرز في مكبات غير مطابقة للمواصفات في اطراف العاصمة على أيدي من يجهلون خطورتها
** هنالك مخاطر بيئية وصحية تنطوي على التعامل العشوائي مع النفايات الطبية
** وزارة البيئة  تعمل بنظام قديم غير مواكب للتطور العالمي
تحقيق : نبوية سرالختم
قرعت الجمعية السودانية لحماية المستهلك أجراس الخطر بشأن مايسمى (النفايات الطبية) بعد تعطل مركز معالجتها الوحيد الكائن بالمستشفى الصيني بأم درمان لقرابة التسعة أشهر أفرزت فيه مستشفيات الخرطوم الالاف الأطنان من النفايات الطبية غير المعالجة بمعدل 14 ألف كيلو جرام لليوم الواحد تمثل 80 % نسبة الخطير والمعدي منها لسبب غياب نظام التصنيف في هذه المستشفيات مما ساهم في اختلاط النفايات ببعضها مكونة كتل كبيرة لها نفس القدرة على نقل عدد من الأمراض الخطيرة للإنسان والحيوان
خصوصاً ان هذه (الكتل) يرشح أن يكون جزء منها ضمن النفايات القابلة للتدوير والتي يتم فرزها في مكبات غير مطابقة للمواصفات في اطراف العاصمة على أيدي من يجهلون خطورتها ممن يقومون بتصنيفها على طريقتهم ( البركاته ) فيتم إعادة تدويرها وهي محملة بتلك الخطورة .
ماسبق يجعلنا نتساءل عن ماهية النفايات الطبية؟ ومما تتآلف؟ وماهي خطورتها الصحية والبيئية؟ ودور الجهات المسئولة بالبلاد في الحد من تلك المخاطر؟ وكيفية التخلص السليم منها ؟
** حساسية وسرطان
فالنفايات الطبية حسب تعريف الأمم المتحدة بالإتفاق مع البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية تتآلف من قسمين 80% نفايات شبيهه بالنفايات المنزلية وتفرز معها وأما الـ 20 % المتبقية فتعتبر خطرة وهي إما ان تكون سامة او معدية او محرقة تتراكم في الجسم او لاتتراكم وتسبب الحساسية والسرطان وهذه النفايات الخطرة 90 % منها معدية وهذه يتطلب حرقها اوطمرها بمستوعبات مقفلة مع وضع مواد معقمة معها .
فإذا أخذنا التعريف السابق في الإعتبار فإننا نجد أنفسنا في مواجهة نفايات طبية خطيرة بنسبة 100% خصوصاً أنه لا توجد إستراتيجية معتمدة في السودان للتخلص من النفايات ولا يوجد تعريف قانوني للنفايات الخطيرة كما نفتقر للقدرات في مجال التعامل مع الملوثات بجانب إفتقارنا للوعي الجماهيري بتلك المخاطر ويذيد الامر خطورة إفتقارنا للرقابة على مصادر تلك النفايات في ظل عدم وجود معايير للسلامة البيئية وحرص الجهات المنوط بها التخلص من تلك النفايات ممثلة في وزارة الصحة الاتحادية والمجلس الأعلى للبيئة على ضرورة استخدام الطرق المثلى للتخلص من  النفايات والتي تترك للسلطات المحلية في الوقت الذي لا تملك المال الكافي للتخلص منها مما يلجئها للحرق المكشوف وهي وسيلة كارثية النتائج هذا غير الأضرار التي تلحق بالعاملين على تلك النفايات من عمالها عند المصدر وعند المدافن حيث يتم فرزها لإعادة تدويرها .
ماسبق من معلومات يدعمها حديث الخبير في التخلص من النفايات واستشاري التخطيط الهيكلي الدكتور سيد سليمان سيد ، الذي تحدث في ملتقى الجمعية السودانية لحماية المستهلك حول إدارة وتداول النفايات الخطيرة الذي عقد مطلع الإسبوع الماضي قائلاً : أنه بالرغم من عدم وجود إحصاءات وأرقام مؤكدة عن حجم النفايات الخطرة بالبلاد إلا أن بعض التقديرات تبين أن مستشفيات الخرطوم وحدها تتخلص من حوالي 14 ألف كيلو جرام من النفايات الطبية، وبينما لا يتجاوز الخطير والمعدي نسبة 20% مما يعني أن الغالبية أو حوالي 80% منها غير خطيرة ولكن أسهم عدم وجود نظام تصنيف في هذه المستشفيات في اختلاط النفايات ببعضها مكونة كتلة كبيرة لها نفس القدرة على نقل عدد من الأمراض الخطيرة للإنسان والحيوان سواء بسواء، وتتطلب جهداً مضاعفاً لمعالجتها معالجة خاصة .
** خطر على الصحة العامة  
وصنف د. سليمان النفايات الخطيرة التي تنتج من المستشفيات إلى أربعة أقسام هي: النفايات الباثولوجية وتشمل الأعضاء والأنسجة البشرية ومخلفات غرف الولادة والدم وسوائل الجسم، والنفايات المعدية وهي التي تحتوي على جراثيم معدية (بكتيريا- فيروسات- طفيليات- فطريات) من مخلفات غرف العمليات ومرضى العزل والغسيل الكلوي وغرف العمليات وحتى عيادات الأسنان والشاش والقطن والجبص والأدوات الحادة الملوثة والثاقبة للجلد كالمشارط والسرنجات والأمبولات والشرائح، وأخيراً النفايات الكيميائية الخطيرة مشعة كانت أم تحتوي على عناصر ثقيلة مثل الزئبق أو الكادميوم واعتبر التلوث الناتج عن محارق النفايات الطبية مصدراً أساسياً للديوكسين الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية منذ عام 1996 كمادة مسرطنة وأوضح د. سليمان أن الإحصاءات المتوفرة تشير إلى أن عدداً محدوداً من المستشفيات يستخدم محارق قديمة توقف معظمها بينما لا يتوفر حالياً سوى محرقة حديثة واحدة وعزا اللجوء لاستجلاب هذه التقنية إلى غياب المعرفة الفاضح من قبل المعنيين بالخطر الذي تشكله هذه المحارق على الصحة العامة .
الأمين العام للجمعية السودانية لحماية المستهلك دكتور ياسر ميرغني تساءل في حديثه مع ( الشاهد ) عن كيف يمكن لوزارة الصحة ان تصدق لأي مستشفى خاص او مركز صحي بالعمل دون أن تتاكد من وجود ضوابط للتخلص السليم من النفايات الطبية ويردف بقوله : من غير المعقول ان لاتتحرك الدولة لحماية مواطنيها من النفايات الطبية بعد تعطل المحرقة الوحيدة بالمستشفى الصيني لأكثر من 9 أشهر لماذا لايتحرك المسئولون فهناك أكثر من 200 ألف عامل في النفايات معرض للإصابة بعدد من الأمراض المعدية بما فيها إلتهاب الكبد الوبائي جراء التعامل العشوائي مع هذه النفايات .
يقول مستشار المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية دكتور يعقوب عبدالله " خبير بيئي , رئيس جمعية البيئيين ,المدير الوطني السابق لبناء القدرات بالمجلس الأعلى للبيئة " : أن لديهم تجربة قاموا بها بالتنسيق مع البنك الدولي إستهدفت ( شفخانات ) تنمية المجتمع وتمثلت التجربة في عمل محرقة تقليدية في شكل برميل تحرق فيه النفايات الطبية من شاش وقطن إلى آخره ويتم عمل فتحه من هذا البرميل إلى حفرة في باطن الأرض تمنع تسرب الدخان الناتج من عملية الحرق إلى أعلى ويشير إلى محاولات اخرى تمت في مستشفى أحمد قاسم بجانب مستشفى الدمازين وأخيراً تجربة المستشفى الصيني التي جلبت لها معدات من أمريكا .
ويذهب دكتور يعقوب إلى أن هنالك مخاطر بيئية وصحية تنطوي على التعامل العشوائي مع النفايات الطبية كحرقها او التعامل معها مثل النفايات المنزلية مشيراً إلى أن تدوير  النفايات الطبية غير مقبول لانه ينقل الكثير من الأمراض المعدية مشيراً في هذا الجانب فرز المواد العضوية الناتجه من مستشفى الزرة او المعامل لخطورتها الفائقة .
** قانون يمنع التلوث
ويرى يعقوب ضرورة إعمال فرز النفايات عند المصدر ويضيف أن قانون البيئة القومي يمنع التلوث وهو مفصل بصورة أكبر في القانون الولائي ولكنه يرى أن الخلل في الغالب ينتج من غياب الإشراف والتفتيش في الأجسام المتوليه عملية إدارة البيئة في المركز والولايات .
التلوث بالنفايات الطبية كإحدى مظاهر التلوث البيئي بالسودان الناتج عن سوء الإدارة البيئية شرحها وأرجع أسبابها مدير مكتب الأبحاث والتدريب بالوكالة السودانية لحماية البيئة دكتور خالد حواية الله في تصريحات صحافية سابقه إلى : أن هنالك الكثير من التلوثات البيئية التى تحدث والمتوقع حدوثها بالسودان تمر دون ان تعمل عليها السلطات المعنية القانون دفن مخلفات صناعية فى غرب ام درمان وبعلم حكومة الولاية وقد تم الدفن دون إستشارات علمية او حتى وضع إعتبار للجهات المختصة والوزارة المعنية بأمر البيئة والتي كما قال : تعمل بنظام قديم وهى حسب وجهة نظره غير مواكبة للتطور الذى يحدث فى آليات الحفاظ على البيئة عالمياً بجانب انها عاجزة عن تطوير قدراتها للإحاطة بالمشكلات البيئية فى السودان التى تتصاعد يوماً بعد يوم واصبحت معقدة فى محتوياتها بسبب ان العاملين فى الحقل موظفين اكثر من كونهم مختصين ويشير خالد الى انه رغم ان المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية المعنى بأمر التخطيط البيئى منشأ بقرار من رئاسة الجمهورية الا أن إختصاصاته التنفيذية دمها مفرق بين الوزارات وهذا فى رأيه إشكال مؤسسى خلقه الدستور الذى لم يشيرالى قضايا البيئة بشكل واضح اما بالنسبة لقانون البيئة فيقول : انه من خلال قراءته لهذا القانون وجد انه ضعيف فى بنيته مشيراً الى وجود قضايا بيئية كثيرة تحتاج الى وجود مواد فى هذا القانون لكن المشرع لم يضمنها ويذهب الى التشريعات الولائية تعانى من ذات المشكلة ويرى بضرورة ان تكون التعديلات التى تجرى حالياً على القانون مواكبة لما يحدث فى العالم وقادرة على مواجهة التحديات التى تواجهها بيئتنا .
الخبير الوطنى بوزارة البيئة والتنمية العمرانية دكتور محجوب حسن يقول : تم حصر لمؤسسات الرعاية الصحية بالولايات المختلفة وعددها 5018 وحدة مقسمة إلى 315 مستشفى و975 مركز صحي و2224 وحدة رعاية اولية و545 نقطة غيار وهنالك كوادر عاملة على كل المستويات في النفايات وتقدر بحوالي 3 ألف كادر ويوجد اكثر من 155 تشريع في البيئة وإصحاح البيئة بجانب القوانين الدولية والإتحادية ( قانون الصحة العامة – قانون صحة البيئة – قانون الحجر الصحي ) والقوانين الإتحادية الأخرى والقوانين الولايئة وقانون حماية الصحة العامة بالولاية واللوائح المحلية هذا بجانب الإستراتيجية العامة لصحة البيئة المجازة من قبل الوزارة والمضمنة في الإستراتيجية العامة لوزارة الصحة والمجازة من مجلس التخطيط الإستراتيجي توضح الخطوط العريضة لكيفية  التخلص الآمن من النفايات بانواعها المختلفة .
ولايمكن لأحد ان ينكر الأثر السلبي للنفايات الطبية على البيئة والصحة العامة فالنفايات الطبية في الوقت الراهن تختلط بالنفايات المنزليه فليس هنالك معالجة خاصة بها غير معالجات في حدود ضيقة تتم بمستشفى الخرطوم الذي يحتوى على نظام للتصنيف لكن باقي المستشفيات والمراكز الصحية تجمع النفايات الطبية مع غيرها في مكان واحد وعند الممكبات التقليدية تتم المعالجة بالحرق في مجال مفتوح على الهواء مما يؤدي إلى تلوث آخر مضر اكثر من النفايات الطبية نفسها ممثلاً في الدايوكسين ويشير إلى ان الإتجاه العالمي يسير في الوقت الحالي على عمل محارق خاصة ينشأ موقعها وفق إشترطات بيئية معينة تتضمن السلامة العامة وهذا يجعل خيار قيام محرقة داخل مستشفى وبالقرب من تجمعات بشرية غير موفق فعمل مثل هذه المحارق بالضرورة يتطلب عمل دراسة للأثر البيئي .
ويتفق مع الإفادت السابقة في إنعدام الرقابة البيئية على النفايات من قبل المؤسسات المختصة والذي يرى انه السبب وراء التدهور البيئي والصحي
ويذهب إلى انه لاتوجد إستراتيجية قومية لمعالجة النفايات في السودان سواء كانت خطرة او غير خطرة على هذا الأساس بدأ مجلس الوزراء منذ العام الماضي في هذا الاطار بداءً بتشكيل لجنة قومية من كل الجهات المختصة  بالتخلص من النفايات بكل القطاعات لإعداد السياسة العامة للتخلص من النفايات في السودان بدأت هذه اللجنة العمل وأنجزت عمل مقدر برفعها التقرير الاول والذي شمل مسح عام لكل ولايات السودان بجانب إرفاق تجارب خمس دول للإستفادة من إيجابياتها وقام مجلس الوزراء بتكليف لجنة فرعية لتقوم بوضع خطط لمشروعات المعالجة والتنفيذ على أرض الواقع  ووضع الميزانيات النهائية وكان هذا المار خطوة في الطريق الصحيح لعمل إستراتيجية قومية للتخلص من النفايات وستنشر المعلومات اللازمة عن النظام الذي تستحدثه هذه الإستراتيجية ويمكن لأي شخص أن يطلع عليها من خلال مواقع المؤسسات الحكومية وهذه الإستراتيجية سيكون لها تأثير مباشر على الخارطة الإستثمارية بالبلاد بحيث انه يمكن ان ترفض أو تقبل مشاريع إستثمارية وفق لها وتطبيق هذه الإسترتايجية يعتمد على مايتوفر للدولة من ميزانيات في الفترة الزمنية المحددة
** أجراس الخطر
الشاهد تدق جرس الخطر هي الأخرى مع جمعية حماية المستهلك بعد ان ثبت  بما لايدع مجال للشك من خلال تعاملها مع شكوى تقدم بها عدد من المتضررين من مكب طيبة أن هنالك نفايات طبية بهذا المكب الذي تستخدمه ثلاث محليات هي محلية بحري والخرطوم وجبل أولياء وقد نشرت هذه الحقائق ضمن تحقيق سابق نقلت فيه إفادات أصحاب المزارع التى شهدت غزو النفايات وإتفقوا جميعاً في تضررهم من وجود المكب وسط أراضيهم الزراعية بسبب تمدد النفايات إلى داخلها كما إلتقت بالسلطات المختصة بهيئة نظافة ولاية الخرطوم والتي إعترفت بعدم مواكبة المكب للإشتراطات الصحية والبيئية مشيرة إلى إستخدامها له كمكب مؤقت في ظل عدم وفرة العربات التي تساعد ثلاث محليات من محليات الولاية في طمر نفاياتها بآمان واكدت الهيئة على لسان مسئوليها ان الحل سيكون في ظرف شهرين او ثلاث وستعالج بعدها الآثار المترتبة على الإستخدام لكن بعض المتضررين من أصحاب المزارع لم يستطيعوا إحتمال ثلاثة أشهر أخرى فقاموا بفتح بلاغ لدى نيابة حماية المستهلك والبيئة والصحة العامة والتي بدأت في إجراءات البلاغ بتوجيه مكتب صحة محلية جبل اولياء لرفع تقرير عن الموقع المعني وبعد زيارة ميدانية للموقع أقر المكتب في خطاب رسمي صادر من مفتش صحة وحدة جبل اولياء زهره مختار موسى تحصلت ( الشاهد ) على نسخة منه : بوجود مكب رئيسي للنفايات يقع جنوب الساقية (530 ) مربوع طيبة توجد به كمية من أكياس البلاستيك ومخلفات طبية غير معالجة بجانب إنبعاث روائح كريهه .
وعلمت ( الشاهد ) أن المكتب المعني دفع بنتائج الزيارة الميدانية لنيابة حماية المستهلك والبيئة أكد فيه على ذمة مدير الإدارة العامة للشئون الصحية والبيئية الطيب أحمد الامين وجود اكياس بلاستيكية داخل الساقية ومخلفات طبية غير معالجة وإنبعاث روائح كريهه مع حدوث حرائق من وقت لآخر تسبب في إختناق المناطق السكنية المجاورة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ضحايا الإتجار بالبشر من لهم إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(3-3)

مسلسل إغتيال الأراضي الزراعية بولاية الخرطوم

السودان ... العنف الجنسي يتخلل اكبر عملية نزوح على مستوى العالم