المستشفى الكبير والقصص المحزنة (الأخيرة)


المستشفى الكبير والقصص المحزنة (الأخيرة)

تحقيق : نبوية سرالختم
من يدخل مستشفى الخرطوم التعليمي أو كما يطلق عليه المستشفى الكبير عبر أيٍ من بواباته تسحره البنايات الضخمة التي تتمدد على (جثته ) شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً فهناك على سبيل المثال القسم الجنوبي الخاص ومجمع العمليات الجديد هذا بجانب تغيير جزء من جلد المستشفى الأصلي ممثلاً في الأبواب والمنافذ وغيرها ...
فالمباني آنفه الذكر وغيرها دليل يجعل كل من يقف عليها (ظاهراً) يحكم من أول وهلة ان من وراءها إدارة فاعلة ونظاماً محكماً لايقبل التهاون لأن صحة المريض هي همه الأول والأخير ... 
لكن تلك الادارة والتي في حكم (الظاهر)أنجزت أخفت حسب حكم (الباطن) وراء تلك الإنجازات إخفاقات إدارية ضخمة وتجاوزات للوائح الإجراءات المالية والمحاسبية وقانون المراجعة القومي كشفتها تقارير المراجعة للأعوام 2005 حتى 2009 ...
تلك المخالفات والتي لم تصحح طيله هذه السنوات صاحبتها العديد من المظاهرالإدارية (المخلة) والتي مازالت تلقي بظلالها على مستوى الخدمات التي تقدم عبر هذا المرفق منها مايخص الجزء الجنوبي الخاص ومجمع العمليات الجديد وتعينات تمت بصورة مقلقة لبعض عناصر الخدمة بجانب قضايا أخرى يكشفها التحقيق تشكل مع شبكة كبيرة من المشاكل في مؤسسات صحية اخرى حجم الإخفاق في قطاع الصحة بالبلاد ككل ...
القضايا السابقة تلقينا فيها رد نائب مدير المستشفى دكتور مأمون محجوب والتي ننشرها حسب ترتيبنا للقضايا وقد تبينا من إفادته في بعضها أنه لم يكن حضوراً في منصبه وقتها لكن تولى عن إدارة مستشفاه توضيح الحقائق حسب علمه لا حسب رأيه فيها .



القصة الرابعة .. إختلاسات اموال العاملين هل تنتهي القصة؟

** تقرير مراجعة حسابات النقابة إتهم ثلاثة والقضية مثل فيها إثنين
** لايوجد نظام محاسبي مستخدم لتسجيل وقيد العمليات الحسابية
**  شراء الأجهزة والبضائع يتم بفواتير غير قانونية
** المحكمة برأت المتهمين وادانت النظام المحاسبي المعمول به
قصة إختلاسات أموال العاملين هذه تدور أحداثها منذ عام 2008 عندما تم فتح بلاغ في نيابة المال العام تحت المادة (177) خيانة الأمانة في مواجهة أمين مال نقابة العاملين حسن عبد الرسول وأمين الخدمات مختار الصادق الأمين اللذان ظلا يتبوءان هذه المناصب لأكثر من 15 عام مستمرة فقد تم إتهامهم أنهم قاموا بإختلاس المبلغ المذكور أعلاه وبعد توجيه الإتهام بواسطة نيابة المال العام جرت محاكمة هؤلاء المتهمين امام محكمة جنايات الخرطوم شمال وبعد الإستماع إلى الشاكي في البلاغ والمتحري ومندوب المراجع العام وشهود الإتهام تم إستجواب المتهمين وجهت لهم المحكمة تهمة تحت المادة 177 وهي ماوجهته النيابة وبعد سماع عدد من شهود الدفاع ومرافعة الدفاع الختامية تم حجز الملف للقرار وقد صدر قرار نهاية العام الفائت ببراءة المتهمين مما نسب إليهم .
وحتى نقف على تفاصيل القضية لابد وان نورد مستندي الإتهام والدفاع ومن ثم قرار المحكمة يقول مستند الإتهام وهو معنون بتقرير مراجعة الإعتداء على المال العام للهيئة النقابية لعمال مستشفى الخرطوم التعليمي موجه لمدير عام المستشفى بتاريخ 5 نوفمبر 2008 يوضح توزيع الاموال المختلسة بين أمين مال النقابة والذي تصل مسئوليته فيها إلى 296114,35 جنيه وعضو الهيئة النقابية ومسئوليته 10484,50 جنيه وهنالك ثالث وهو أمين نقابة عمال المهن الصحية ومسئوليته 8000 جنيه , يقول التقرير : انه بناء على خطاب نيابة المال العام بالنمرة : وع/ ن م ع / ج ع , بتاريخ 28 مايو 2008 والخاص بمراجعة حسابات الهيئة النقابية لعمال مستشفى الخرطوم التعليمي للفترة من الأول من أبريل 2006 حتى 25 يوليو فقد إتضح للمراجعة الآتي : لايوجد نظام محاسبي مستخدم لتسجيل وقيد العمليات الحسابية وفقاً لماهو متعارف عليه هذا بالإضافة إلى رفض الهيئة النقابية موافاتنا بالمعلومات المطلوبة في سبيل معالجة هذا الأمر ويشير إلى أنه لاحظ خلال المراجعة وجود توقيع واحد معتمد لدى البنك بإسم أمين المال وبموافقة المكتب التنفيذي للهيئة النقابية الأمر الذي أدى لضعف الرقابة ويضيف : ان الرقابة المحاسبية أثبتت عدم وجود دفتر لرصد الإيرادات والمصروفات وعدم رصد وتوضيح المبالغ النقدية الواردة لصالح حساب الهيئة النقابية مثل إيجار الكافتريا والتي أقروا بإستلامه نقداً وصرفه هذا بجانب عدم إرفاق مستندات الصرف ويذهب إلى أن مصادر إيرادات النقابة تتمثل في المبيعات والمشتريات للسلع والبضائع بالإضافة غلى الدعم المقدم لها وبلغت جملة الإيرادات خلال فترة المعنية بالتقرير 5699,1,49 جنيه من واقع الإستقطاعات التي تمت بواسطة الإدارة المالية لمستشفى الخرطوم التعليمي من كشوفات مرتبات العاملين بالإضافة إلى الدعم الشهري خلال الفترة الذي لم يتم إستقطاعه من ا لعاملين ومن الدعم المقدم لنقابة عمال المهن الصحية ويرى ان هنالك بعض الإيرادات ظهرت في كشف حساب البنك ونسبة لقصور الإدارة المالية بالمستشفى عن موافاته بتفاصيل بنود الإيرادات ومن خلال فحص المستندات الموجودة تبين للمراجعة أنه يتم شراء الأجهزة والبضائع بفواتير مبدئية خالية من اختام الضرائب وغير قانونية مما يعد مخالفاً للائحة الإجراءات المالية والمحاسبية وذلك بالشراء بإجراءات غير مكتملة وغير سليمة .
عليه يطالب المراجع من المتهمين إسترداد مبلغ 296114,35 عباره عن عجز في عهدة البضائع وعجز في حساب التدفقات النقدية وسحب شيكات بصفة شخصية وإصدار شيكات بدون مستندات وهذه تحت مسئولية امين المال ومبلغ آخر مسئولية امين الخدمات ناتج حسب التقرير عن تصرفه في مبلغ 10484,50 دون وجه حق ودون تقديم المستندات المؤيدة  للصرف واخيراً إسترادا مبلغ 8000 جنيه من امين نقابة المهن الصحية لصرفه المبلغ بصفة شخصية وبدون وجه حق عليه يطالب المراجع في حالة عدم الإسترداد إتخاذ الإجراءات  القانونية اللازمة في مواجهة المذكورين أعلاه .
وبعد  الإطلاع على ملخص تقرير المراجعة في الفترة  المطلوبة حسب طلب نيابة المال العام يمكننا ان نشير إلى مرافعة الدفاع الختامية والتي قدمها المحامي آدم بكر  تقول حسب نصها : في هذا البلاغ لم يقدم المتحري أي بينة يمكن الإطمئنان إليها لإدانة المتهمين تحت المادة (177) بل أن قضية الإتهام جاءت خالية تماماً من أي بينة معتبرة وان التهمة لاتنصب على وقائع ومخالفات محددة يمكن أن يستشف منها بينة يمكن قبولها للإثبات والأمر المؤكد من خلا الوقائع ان المتهمين ومع عدد آخر من زملائهم في المكتب التنفيذي راضون عن عمل المتهمين كما انهم محل ثقة زملائهم لسنين متواصلة وان المتهمين كانوا وفق مسئوليتهم يديرون العمل المالي والخدمي بطريقة تلقائية مبنية على الثقة المتبادلة مما جعلهم يتجاوزون مسالة الكتابة والشكليات عند  التسليم والتسلم وان المعاملات والخدمات كان يسودها الرضى والثقة  التامة كما ان  للمتهمين رئيس ونائب وامين عام كانوا يحيلون شفهة إليهم أى عضو يلجا لهم لحاجة وبالرجوع إلى تقرير المراجعة هنالك ملاحظات وحقائق تؤكد ان المتهمين لم يرتكبوا أي مخالفات مالية عمدية ولم يختلسوا أي أموال بل كشف التقرير نفسه ان ميزان المصروفات اكبر من ميزان الإيرادات مما يعني وجود صرف خارج حساب النقابة الا ان المراجعة فشلت في إيجاد أي تفسير منطقى لذلك الامر الذي يوضح بجلاء ان المراجعة نفسها لاتقوم على أساس محاسبي صحيح وانها جاءت متخبطة لايمكن الإستناد إليها لإثبات أوجه الصرف وتحديد حقيقة الإيرادات .
ويذهب إلى القول : ورد في  التقريرعدم وجود نظام محاسبي مستخدم لتسجيل وقيد العمليات الحسابية والمالية وهذا بدوره لايؤدي إلى معرفة حقيقة الاوضاع المالية بالنقابة لانها تقوم على نظام تقليدي تراضى عليه أصحاب الشأن فيه ولايهمنا كثيراً إذا كان هذا النظام تقليدي ام حديث بل اننا امام إثبات التهمة أو نفيها وما أفاد به الشهود يوضح ان هؤلاء ظلوا محل ثقة زملائهم إلى حد المطالبة بتمديد فترة مكوثهم ويذهب إلى ان هذا الإتهام ناتج عن الصراع السياسي على المراكز داخل النقابة وسمعنا انه بعد مغادرة المتهمين للنقابة عام 2007 ماعادوا يتلقوا الخدمات التي كانوا يتلقونها من قبل .
ويشير إلى ان الإتهام يفتقد للموضوعية كون التقرير  اورد ثلاثة متهمين لكن تم إستبعاد الثالث رغم ان ظروف القضية والتهمة واحده كونه متهم بإختلاس 8000 جنيه وأخيراً يرى ان وجود اخطاء في العمل الحسابي بالنقابة نتاج لسياسات يشترك الجميع في المسئولية عنها بالتالي فإن المسئولية لاتخص شخص بعينه بقدر ما أن النظام المعمول به هو المسئول .  
بعد صدور قرار المحكمة بتبرئة المتهمين قال محامي الدفاع آدم بكر لـ ( الشاهد ) معلقاً : إستمعنا لعدد من شهود الدفاع وجاءت إفاداتهم تؤكد براءة المتهمين حتى ان الإتهام لم يقدم دليل واضح يدينهم وعندما نظرت المحكمة في الأوراق التي أمامها وجدت ان البينة لاتكفي وذكرت في حيثيات قرارها ان النظام المعمول به لايعين الناس على التقصي في الفحص ومراجعة الدفاتر ولايعين المراجعة نفسها لتحديد وجه الخطاً وأوصت بتصحيح النظام المحاسبي في  النقابة بإدخال نظام المحاسبة الحديثة ومسك الدفاتر وإجراءات الإيرادات والمصروفات .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ضحايا الإتجار بالبشر من لهم إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(3-3)

مسلسل إغتيال الأراضي الزراعية بولاية الخرطوم

السودان ... العنف الجنسي يتخلل اكبر عملية نزوح على مستوى العالم