الإنسانية تحتضر

الإنسانية تحتضر

الخرطوم : نبوية سرالختم
كانت تحلم عند أول ( رنة ) لجرس الطابور المدرسي الصباحي أن تشارك زميلاتها في الصف فرحة بدايات العام الدراسي بعد عطلة صيفية متميزة ... لكن إصابتها بمرض في اللوزتين وتقرير إجراء عملية جراحية لها حال دون ذلك ...
والدها الباشمهندس نزار خفف عنها ماأحست به وقتها من تنازع بين رغبة الذهاب للمدرسة ومخاوف إجراء عملية قائلاً : أن كل ما يواجهها مسألة وقت فالعملية بسيطة وستعود بعد مايذيد عن اسبوع لزميلاتها تشاركهن مقاعد الدراسة ولن تحس بعدها بما كانت تكابده من آلام ...
الطفلة عواطف ذات السبع سنوات إستسلمت للأمر وأصبحت على قناعة بحديث والدها الذي كان قد زار بها الطبيب المختص بمركز الإنقاذ بمدينة بحري من قبل إسبوعين ويدعي كما أفاد دكتور إبراهيم والذي قرر أن تجرى لها عملية وقام بتحويلها لمركز أمراض وجراحة الأنف والأذن والحنجرة بالخرطوم وعليه كان أمس هو ميقات الذهاب إلى المركز المذكور وهو بمستشفى الأنف والأذن والحنجرة لعمل الفحوصات اللازمة وتقرير وقت إجراء العملية ...
يقول والد الطفلة : ذهبت إلى المستشفى المعني صباح أمس ( الأربعاء )هناك إلتقيت بالطبيبة المسئولة والتى قامت بكتابة ورقة ومنحتني إياها قررت فيها ان نحضر صباح غد ( الخميس ) للحوادث الساعة السابعة لإجراء الفحوصات اللازمة تمهيداً لإجراء العملية يوم الأحد أى بعد ثلاثة أيام من تاريخ الفحوصات هنا يقول : قمت بإطلاعها على إستمارة العلاج من التأمين الصحي حتى تقوم بعمل الإجراءات اللازمة هنا يقول : أن الطبيبة طلبت منه الرجوع إلى دكتور إبراهيم وهو ما أشرنا إليه سابقاً فقام هذا الطبيب حسب والد الطفلة بالتعليق على نفس الورقة ( تحديد مواعيد العملية العنبر العام ) ويواصل : ( قال لي أرجع ليها تاني ) هنا قامت الطبيبة بعد أن رجع إليها بشطب التحديد الأول وعمل تحديد العملية لوقت آخر يوافق الرابع عشر من شهر أكتوبر 2010 أى بعد ثلاثة أشهر وسبعة أيام تقريباً وعندما إستفسر عن الأمر أجابت أن : التحديد السابق يتم بناء على أن إجراء العملية على النفقة الشخصية أما التحديد الأخير وهو العنبر العام والذي يعمل فيه بنظام التأمين والإعفاءات فهنالك العشرات في إنتظار إجراء عمليات وربطت له طول لستة الإنتظار بإضراب النواب .
توجهت فورا صوب مستشفى الأنف والأذن والحنجرة لمقابلة المسئولين هنالك إلتقيت بالمدير الطبي ومساعد المدير العام لكن رفض الإثنين الإدلاء بأى تصريحات الا بموافقة من المدير العام شخصياً حسب توجيهاته لمعاونية وقد علمت من مديرة مكتبه أنه بإجتماع بوزارة الصحة الإتحادية سألتها عن ميقات عودته المكتب لكنها لم تقطع بذلك في ساعة محددة قبل أن تشير لنا بالإستعانة بمساعده .
وبما ان قضية الطفلة عواطف تمثل نموذج للكثير من الحالات والتي تكشف لنا قضيتين الأولى تتمثل في :  تعامل المستشفيات وأطباءها مع المرض بنظرة من يملك ومن لايملك فإذا كنت من أصحاب المال فأنت في مامن من أى خطر لكن إذا كنت فقيراً فلك أن تنتظر بالشهور حتى يأتي دورك ولو عبر بطاقة تأمين صحي هذه النقطة كنا نريد أن تجيب عليها إدارة مستشفى الأنف والأذن والحنجرة لنعرف منها كيف تتعامل مع المريض بغض النظر عن موقفه المادي.
أما القضية الثانية فهي ما أفادت به الطبيبة ان طول لستة الإنتظار وراءه إضراب الأطباء الأخير ورغم ان هذه النقطة ايضاً تحتاج إلى إفاده من إدارة المستشفى الا أننا نكتفي بأن جزء من هذه القضية يقف وراءها إضراب هؤلاء رغم ان الكثير من المستشفيات وحتى وزارة الصحة نفسها لاتقر بأي أثر يمكن أن يحدثه تغيبهم عن العمل.
وقد قطعت المستشفيات أشواطاً في إبعاد الأطباء المضربين عن بيئات المستشفيات والتي هي في حوجه لجهودهم تحقيقاً لوعودات الصحة الإتحادية وإنفاذاً لقرار إدارة التدريب بها القاضي بإرجاع كل طبيب يمتنع عن تأدية عمله بأقسام الطوارئ بالمستشفيات لإدارة الطب العلاجي فقد أنهت إدارة مستشفى الخرطوم والخرطوم بحري تدريب مالايقل عن 250 نائب أخصائي وطبيب إمتياز في الوقت الذي أمسكت إدارة مستشفى ام درمان من الإفصاح عن عدد من قامت بإنهاء تدريبهم بمستشفاها بيد انها اكدت نسبة أطباء الإمتياز فيهم ضئيلة مقارنة بالنواب.
وقال المدير الإداري بمستشفى الخرطوم التعليمي الفاتح مكي لـ " الشاهد " : أن مستشفاه قام بإرسال كشف باسماء 200 طبيب تغيبوا عن العمل بحوادث المستشفى منهم 95 نائب و105 طبيب إمتياز مؤكداً عدم تأثر المرضي بتغيب الاطباء .
من جانبه أكد مساعد المدير العام بمستشفي بحري  دكتور أحمد زكريا رفع مستشفاه تقارير يوميه بأسماء الاطباء المتغيبين عن العمل مشيراً عدد من شملتهم التقارير لاتقل عن 50 طبيب كاشفاً عن عودة عدد من اطباء الإمتياز للعمل مجدداً بالحوادث بعد تغيبهم مؤكداً أن الإجراءات السابقة لن تشملهم قائلاً : " تغيب بعض الاطباء عن العمل غير مؤثر لأننا نعمل الآن بالطاقة الحقيقية للعمل ففي السابق كان هنالك  تكدس النواب واطباء الإمتياز بالوحدات " .
وامسك نائب المدير العام بمستشفى أم درمان عن أعداد الأطباء المتغيبين مشيراً إلى أن الغياب في مستشفاه إنحصر في فئة النواب بيد ان تغيب اطباء الإمتياز كان بنسب ضئيلة مؤكداً تمسك مستشفاه  بقرار بالوزارة في هذا الصدد .
وكشف مدير إدارة التدريب بوزارة الصحة الإتحادية دكتور الصادق عبد الله الجعلي لـ " الشاهد " : إكمال إدارته في توزيع عدد 1.2 ألف طبيب على مستشفيات الولاية بعد قبولهم من لجنة الإختيار مشيراً إلى أن امر النواب واطباء الإمتياز المضربين بات من شان إدارة الطب العلاجي مؤكداً قابلية إدراته النظر في أمر من يرغب في العودة من المضربين حسب ما تنص عليه اللوائح الداخلية ولائحة الخدمة العامة وبعد أن تنظر إدارة الطب العلاجي في الأمر لأنه أصبح في يدها ويذهب إلى أن قرار إيقاف تدريب الأطباء المتغيبين جاء بعد إجتماعات مطولة قائلاً : لايمكن لوزارة الصحة ان تقف كالمتفرج فقد أنجزت بعض ماوعدت والبعض الآخر مرهون بقرارات سياسية .
الشاهد إستطلعت أراء عدد من النواب واطباء الإمتياز حول تداعيات الإضراب الاخير ومقررات وزارة الصحة يقول طبيب الإمتياز (م . أ  ) : هنالك إستحقاقات حقيقية ومشروعة للأطباء ككل لكن لدينا تحفظات على الطريقة التى يتم التعامل بها مع هذه المطالب وهي الضغط المستمر والتصعيد السريع للمسألة وعدم وجود سقف محدد لها ويذهب إلى ان لجنة النواب أخذت مشروعيتها من واقع إستجابة الوزارة لضغوطاتها مما جعلهم يتعاملون معها كأطباء لتحقيق مطالبهم لكنه يرى الآن ان هنالك أيدي تحرك هذا العمل لغير صالح الأطباء والمهنة ويواصل قائلاً من واجب أى إنسان أن لايتوقف إذا كان بمقدوره تقديم أى مساعدة لمريض ناهيك عن كوننا نحمل العلم والدراية ونمتهن هذا العمل ويضيف قائلاً أن المتاجرة بحياة المرضى لتحقيق المطالب هي تجارة خاسرة بمعايير القيم والاخلاق ويمكن ان يكون ذلك في أى ضرب من ضروب العمل الا المجال الطبي ويشير إلى أن ماتقوم به وزارة الصحة حالياً يمثل كرت ضغط على المعتصمين فاللوائح يمكن ان تطبق عند غياب الطبيب في الأحوال العادية بعد إنقضاء أربعين يوم وقبلها يمكن أن يتعرض لعقوبات محددة حسب اللائحة لكن الظروف الحالية هي إستثناء وكما يقولون أن القضية أصبحت مسيسة فإذا كانت كذلك فإنها ستحل بالسياسة وأستبعد ان يتم الفصل النهائي لهذا الكم الهائل من الأطباء والنواب .
ويقول نائب أخصائي جراحة (ع .ع ) : لايمكن لأى شخص أن يقدر الأجر الذي يفترض ان يتقاضاه الطبيب عن عمله لكن يجب ان تكون المطالبة في حدود الممكن واصفاً ما ذهبت إليه المضربون من رفض العمل في الحوداث وعنابر والحالات المحولة بانه غير صحيح بإعتبار أن الحالات الموجودة في القسمين معرضة للخطر بإعتبار أنهم يحتاجون لرعاية  كونهم خرجوا من عمليات أو ستجرى لهم عمليات ويشير إلى مريض قد تدهورت حالته في قسم الجراحة تمكن من إنقاذه نائب أخصائي لم يشارك في الإعتصام وفي سؤالنا له عن هل هنالك أطباء معتصمين عن العمل أشار إلى وجود نسبة منهم لكنه قال أنها لم تؤثر في سير العمل .
لكن يجد النواب واطباء الإمتياز المضربين أسباباً مقنعة لهم تدفعهم لمواصلة الإضراب عن العمل رغم وعودات الوزارة المكررة بنيتها الحل النهائي للمشكل وتحسين وضعهم ففي بيان لهم بتاريخ 29 مايو 2010 أوضحت جملة من الأسباب التى تسند دعواها بمواصلة الإضراب في مواجهة وزارة الصحة منها : تردي بيئة العمل ممثلاً في عدم تهيئة العنابر ووصيانة الإستراحات بجانب عدم الإلتزام بتنفيذ الإتفاقات وإلغاء العقوبات على بعض فئات الأطباء مثل الفصل والنقل التعسفي وعدم تحديد حوافز ثابته للمناوبه لكل فئات الأطباء وعدم الإلتزام بإجازة مقترح تحسين شروط الخدمة والتي يتم تحسين المرتبات بموجبها كما نصت اتفاقية الجهود الخيرة وعدم الإلتزام باتفاقية اتحاد العمال والتي تنص على تحسين عاجل واستثنائي لكافة فئات الأطباء وليس النواب وحدهم وعدم دفع متأخرات العلاوة الشخصية للدفعة 22 , 23 لشهر ابريل مع عدم دمجها مع المرتب إلى الآن وعدم دفع علاوة التدريب لكل الدفعات من شهر فبراير 2010 وإلى الآن وعدم التزام بعض المستشفيات بالحوافز العامة والمناوبات منذ مارس الماضي وعدم تعيين الدفعة 25 نواب وعدم توفير وظائف للعموميين وعدم الإلتزام بالترحيل والإعاشة و عدم الإلتزام بعلاج أسرة الطبيب الصغيرة والكبيرة وتفند لجنة الإضراب حجج وزارة الصحة في بيانها السابق فتقول بخصوص المطالب المالية أن الإتفاق الإستثنائي والذي كتبه اتحاد العمال على نفسه نص بالآتي: 75% زيادة في الراتب لكل طبيب, وهذا مالم يحدث لأنه كان من المفترض أن تزيد الفئات بمعدل: 15% بدل طبيعة عمل مع تفعيل بدل العيادة ليصبح 500 جنيه كلن ما حدث هو أن الجهات المعنية قامت بتقليصه إلى 300ج ثم قامت بتقليصه مرة أخرى ليصبح منحة تدريب وهي 250ج للنواب والإستعاضة به عن علاوة التدريب لتكون الزيادة 50ج فقط أما بالنسبة للإختصاصيين فيقول البيان : كان الإتفاق ان يحصل الأخصائي على 500ج زيادة كبدل مؤهل, وهذا مالم يحدث, بل تم استبداله بحافز مستشفى. وهذا الموضوع قد تم الإتفاق عليه منذ اتفاقية النواب. والآن الوزارة تخلط الأوراق وتعلن في الإعلام عن زيادة 500ج, وهي لن تكون في الراتب وانما في الحافز وبالنسبة للعموميين: كان من المفترض صرف بدل إقامة ريفية لكل العموميين وهي500ج, تم التنصل من هذا الإتفاق حيث انه لم يتم تأكيدها إلى الآن وتتساءل اللجنة في البيان بقولها : إذا افترضنا جدلآ أنها ستصرف, فمن الذي سيقوم بالدفع؟ أهي وزارة الصحة, أم المستشفيات الريفية وفيما يخص  أطباء الامتيازتقول اللجنة : تم الإعلان عن علاوة نهاية الخدمة للأطباء الذين بدءوا الامتياز في 1\يونيو\2009 وهذا يعني بصورة واضحة أن الأطباء الحاليين لن يحصلو على شيئ في هذا الشهر إلا إذا أكملو الامتياز, مع ان الاتفاق نص على أن تدفع لهم شهر بشهر+ بدل الوجبة, وهذا مالم يحدث كما لاتوجد إعاشة بالميزات , في حين أنه نصت الاتفاقية( إتفاقية النواب) على توفير الإعاشة وتم إيجار عمارة ببحري للطبيبات, تتسع ل55 طبيبة. كما تم إيجار عمارة أخرى بأركويت تتسع ل85 طبيبة. المجموع 140طبيبة. مع العلم أن العدد الكلي  للطبيبات بميز بحري 75, وبميز الخرطوم75 أي  أن المجموع 150طبيبة ويبلغ عدد الطبيبات اللآئي يؤجرن على النفقة الخاصة 165+150=315 طبيبة وعدد الأماكن الشاغرة 140, فأين تذهب ال175 طبيبة.
ويواصل البيان : كما نصت اتفاقية النواب على إسكان الطبيبات المؤجرات فورآ, فماذا تعني كلمة (فورآ)واليوم يمر علي الاتفاق 4اشهر.بدات الصيانة في ميز الخرطوم ب5حمامت من جملة 77 اخذت شهرا كاملا فمتى سيتم العمل.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ضحايا الإتجار بالبشر من لهم إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(3-3)

مسلسل إغتيال الأراضي الزراعية بولاية الخرطوم

السودان ... العنف الجنسي يتخلل اكبر عملية نزوح على مستوى العالم