مستشفى حلفا الجديدة .. ( أثر بعد عين )



سرطانات .. فرنديد .. كبد وبائي ..
مستشفى حلفا الجديدة .. ( أثر بعد عين )
** أثبت نتيجة فحص لعينات مياه من مصادر مختلفة تلوثها بمواد برازية وبكتريا
** مواطن بالقرية 14 يكتشف عن طريق الصدفة إصابته بمرض الفرنديد وسجل كاول حالة .
** حالات الكبد الوبائي المكتشفة توفي ثلثها ولايجد البقية الدواء لهذه الأسباب
** مستشفي حلفا يفتقد لأبسط  مقومات التشغيل الضرورية بمافيها الكادر الطبي المؤهل
** لا وجود لأجهزة الموجات المختلفة و الضرورية للتشخيص
** الوضع المهني الطارد و الضاغط للكادر الطبي بالمستشفي الوحيد  يدعو لنزوحهم .


الخرطوم : حلفا الجديدة : نبوية سرالختم
لم تكتمل بعد حصة القاطنين بحلفا الجديدة من جملة الأمراض المقدرة لهم في هذه المنطقة فقد تواردت عليهم مؤخراً (من غير الموجود أصلاً ) الكثير منها بدءً بالسرطان ( بسبب الإسبستوس والمبيدات ) والتي فاقت نسب الإصابة به لدى ساكني هذه المنطقة نسب الإصابة بمرض الملاريا وهو المرض الذي طالما أنهك ساكنيها لسنوات ولاننسى البلهارسيا والتي وصلت نسبة الإصابة بها أعلى معدلاتها بعد ان ظهرت المواد البرازية والبكتريا بصورة واضحة على المياه المفحوصة بواسطة المختبر ويضاف لهذه الأمراض مرضين ظهرا مؤخراً هما مرض الفرنديد والكبد الوبائي فقد تم حجز 60 حالة خلال شهر من المرض الأخير توفي ثلثهم ولايجد البقية الدواء لتقاعس الجهات السئولة أما المرض الأول فقد كشفت الصدفة عنه في رحلة علاجية لمريض فشلت المقدرات التشخيصية لمنطقته في معرفة كنهه ليتفاجأ عندما خرجت الدودة بالحقيقة المرة ...
ما وصل  إليه الحال في حلفا الجديدة من تدهور  في النواحي الصحية هو جزء من تدهور عام في كل مناحي الحياة الاجتماعية من تدهور  الاقتصادي والذي يتجلى  في أسوأ صوره  في  انتشار الفقر و البطالة و الإحباط و اليأس... وما ترتب عليه من فقدان التماسك والتفكك الأسري و الاجتماعي ... والسياسة التي بدت في شكل البناء الهرمي الهش والمشوّه  لتمثيل أبناء المنطقة  في أجهزة الدولة التنفيذية و التشريعية والوظيفية و كذلك وضع النوبيين كمجموعة مهجرة في الخارطة السياسية والقوي في السودان .
إذا رجعنا إلى قائمة الأمراض التي ذكرناها سابقاً بدءً بالسرطانات فقد كشفت مهمة قام بها وفد من وزارة البيئة والتنمية العمرانية العام قبل الفائت للتقصى حول المسببات التى تقف وراء إرتفاع نسب الإصابة بالسرطانات بالمنطقة عن إحصائيات أولية تمت بالجهد الشعبى للخمس سنوات الماضية توضح ان عدد الوفيات جراء هذا المرض فى تلك الفترة تجاوز 357 شخص من غير الذين توفوا خارجها أو لم يعرف سبب وفاتهم لعدم وجود مركز للفحص المبكر للمرض , الامر الذى جعل  المتهم الرئيسى  هو مادة الإسبستوس والتى تستخدم فى سقف ما يزيد عن عشرة ألف منزل من منازل المهجرين الحلفاويين بالمنطقة و استخدامها في توصيلات المياه , بجانب إتهامات لملوثات تتعلق بالأسمدة والمبيدات وفطريات الفلاتوكسين ومادة بروميد البوتسيوم والتى تستخدم فى صناعة الخبز المحلى وعلى نطاق واسع .
أما تلوث المياه والبلهارسيا فلها قصة أخرى تتمثل في أن طرق التنقية تتم بصورة بدائية , وأن المياه على قلتها تقطع جداول صغيرة حتى تصل الى أحواض الترسيب ولا يخفى على أحد القرب الكبير بين هذه المصادر ومصادر التلوث المتمثلة في منازل السكن العشوائي والتي يقضي سكانها وبهائمهم حاجتهم بالقرب منها فإذا رجعنا إلى نسب الإصابة بمرض البلهارسيا في ظل هذه الظروف فقد أثبتت نتيجة مسح وبائي لإحدى قرى الإسكان بحلفا الجديدة بواسطة فريق متخصص من معمل أبحاث البلهارسيا جامعة الخرطوم في إطار تعاون مع البرنامج القومي لمكافحة البلهارسيا بوزارة الصحة الاتحادية : أن نسبة الإصابة بالبلهارسيا المعوية وسط الاهالي (24.3%)،ووسط قاطني السكن العشوائي في اطراف القرية (57.6%)، وكانت نسبة الاصابة بالديدان المعوية بسيطة لا تتعدى (1%) كما لم ترصد حالات اصابة بالبلهارسيا البولية ولوحظ وجود نسبة عالية من الاملاح المختلفة في عينات البول المفحوصة.
كما أثبتت نتيجة فحص 9 عينات مياه أخذت من صهريج قبل وبعد التنقية وكذلك عينات من مواسير في مواقع مختلفة ان جميع العينات ملوثة بمواد برازية وبها نوع معين من البكتريا عليه فإن المياه غير صالحة للشرب.
 وتتوالى لستة الأمراض الفتاكة في الظهور فقد أكتشفت الشهر الماضي أول حالة لمرض دودة (الفرنديد) بمحلية حلفا الجديدة بعد أن تأكد المواطن (م.م.ف) الذي يسكن القرية (14) إسكان من إصابته بالمرض إثر زيارته الخرطوم مستشفياً من بعض القروح التي أصابت رجله اليمنى بعد أن أعياه الألم المبرح الذي سببته له تلك القروح .
وأبلغ المواطن (م.م.ف) ( الشاهد ) بالحادثة وقال : انه يعمل في الزراعة بجانب عمله في التدريس وقبل عام ظهر له ورم في رجله اليمنى وقد حاول معالجته مراراً وتكراراً لكن لم ينجح في علاجه إلى أن قام بزيارة الخرطوم بغية التعرف على حقيقة المرض مشيراً إلى أنه تفأجأ بخروج دودة من داخل الجروح المتقرحة في رجله عند نظافتها بواسطة الطبيب والذي أكد له إصابته بمرض الفرنديد .
وأفاد أحد اقرباء المريض ويدعى فتحي نوري : أنه تعرض لتشخيص خاطيء للحالة بمحلية حلفا الجديدة تناول على إثرها جرعات كبيرة مضاد للإلتهاب ساعد في ظهور كمية من التقرحات على رجله مما تسبب في إتخاذ قرار من قبل الطبيب المعالج بالخرطوم لفتح إحدى هذه التقرحات والتي كشفت في النهاية عن خروج دودة يصل طولها لحوالي 10 سنتمتراً.
وحسب المعلومات التي اوردتها منظمة الصحة العالمية فإن الإصابة به تحدث من جراء شرب المياه الملوثة بناقل للمرض يسمى السيكلوب  (Cyclop)، وهو ناقل غريب الاطوار وله مقدرة فائقة على التخفي حتى يصل المرحلة التي تمكنه من العدوى وقد تصل الى عام كامل وبعد عام تقريباً من العدوى، تخترق أنثى الدودة البالغة - والتي قد يصل طولها إلى متر كامل - سطح الجلد فتسبِّب آلاماً مبرحة وتصيب بعض من مرضاها  بالإعاقة.
واخيراً كشفت مصادر طبية ان نحو«20» مريضاً بفيروس الكبد الوبائي توفوا خلال الثلاثة اشهر الماضية بمنطقة حلفا الجديدة من مجمل«60» اصابة بالمرض.
وحذر مصدر طبي من ان المرض بانواعه الثلاثة( ايه وبي واي) ينتشر بطرق مختلفة من بينها الذباب ونقل الدم وغيرها من الوسائط المتوفرة.
وكشف المصدر ذاته، ان الامدادات الطبية رفضت صرف ادوية لنائب دائرة حلفا الجديدة،مشيراً الى ان وزارة الصحة لم تدفع ما عليها من ديون.
وحذر المصدر من ان السلطات اذا لم تتحرك فان المرض سيتحول الى وباء
وبالنظر إلى ما سبق من حقائق حول امراض خطيرة وفتاكة تنتشر بمنطقة حلفا الجديدة تلك المنطقة ذات الوضعية الخاصة نسبة تهجير النوبيين إليها من منطقة وادي حلفا يمكننا ان ننقل جزء من إفادات لـ دكتور ياسر شاهين الأمين العام لمنظمة النهضة خص بها الشاهد تنشر متبقيها لاحقاً يقول شارحاً الوضع الصحي بمحلية حلفا الجديدة من خلال مستشفاها الوحيد : في الوقت الذي تطورت فيه الأوضاع و الظروف  الصحية في مدن كثيرة من مدن السودان.. ككسلا ..حاضرة الولاية بافتتاح مستشفيات  ومستوصفات و زيادة المستشفيات التخصصية.. تظل الأوضاع كما هي في حلفا  لينظر احدنا إلي المستشفي الذي بني في العام 1964 إبان التهجير و حينها كان تماثلنا كسلا بمستشفي وحيد وها نحن في الألفية الثالثة بعد ما يناهز الخمسون عاما لم  نبارح  فيها مكاننا ...!!
  ويواصل : مستشفي حلفا لم يحدث فيه أي تغيير  نوعي أو كمي في   خدماته بنفس بنيته التحتية دون أن تضاف له عنابر ..حتى..  ادني قدر من الإضافات ، عدا بعض الإضافات في أرضيات السيراميك و بعض الصيانات تحت بند اعمار الشرق و برغم إضافة مركز صحي المعلمين إلا انه لا تزال الفجوة كبيرة في حلفا بالنسبة لمستشفي يعمل علي مستوي محليتين (لأكثر من 300 ألف نسمة ).
   ويضيف :   مستشفي حلفا يفتقد لأبسط  مقومات التشغيل  الضرورية مثل الشاش و القطن  و خيوط خياطة الجروح ..(خيوط  كرومك 2) و كذلك الكادر البشري الذي هو  العمود الفقري للعمل الطبي المتكامل و الناجح (أطباء و ممرضين - أجهزة..الخ ) ، حيث لا وجود لأجهزة الموجات المختلفة و الضرورية للتشخيص (موجات صوتية – أشعة ملونة – و مقطعية – و الرنين و غيرها ) ونحن نعلم أن شهورا عصيبة تمر علي الطاقم الطبي و أسرة المستشفي و المرضي  يضطرون فيه للتعامل مع السوق السوداء لتامين حوجات المستشفي الملحّة , إن الوضع في مستشفي حلفا يشبه تماماً وضع المستشفيات في مناطق الشدّه و مناطق الحرب و النزاعات المسلّحة فالمستشفي يفتقد إلي ابسط مقومات التسيير  في ابسط القرارات المالية الحيوية  فلا يمكن شراء أي قطعة في أحرج الموقف و مدير المستشفي لا يملك ادني  صلاحية في التصرف في أي مليم دون  استشارة المسئولين في كسلا و الحصول علي موافقتهم تماما .ويذهب قائلاً : في مستشفي حلفا تغيب غرفة للعناية المركزهّ و الضرورية  للحالات الحرجة.. سواء كانت حالات الولادة و حالات الإصابة و الحوادث أو أي حالة أخري ولا يوجد قسم نساء و توليد معدّ بصورة تليق بعدد سكانها الذين  تخدمهم .. ناهيك عن مستشفي القفلا السالف الذكر .. دعك من قسم الأطفال الذين يمثلون  أكثر من أربعون في المائة من سكان المحلية - حسب آخر إحصائية ، و كذا الحال لا وجود لمستشفي أمراض عقلية  و نفسية و كذا حال العظام . إن الوضع المهني الطارد و الضاغط للكادر  الطبي للمستشفي  يدعو لنزوح  الكفاءات من حلفا .. و في أذهاننا الجراحين و الاختصاصين النازحين من حلفا
    و اغرب ما في المستشفي ( المنكوب ) هو عدم توفّر عدد كافي من سيارات الإسعاف و الطوارئ المجانية أو المخفّضة الكلفة..  لنقل ما لا يمكن علاجه في حلفا ..برغم الثقل السكاني الضخم... و علي مستوي المحليتين ففي كثير من الأحيان تكون سيارات الإسعاف الموجودة  في مستشفي المحلية مشغولة بنقل حالة طارئة.. لتظهر حالة أخري فيضطرون إلي نقله بإسعاف المعلمين  الذي يخضع للمعايرة التجارية.. و إسعاف مصنع سكر حلفا الذي يخدم  المؤلفة قلوبهم فقط في المصنع..  أو  بسيارات الإسعاف الأخرى المتاحة.. و كلها بأسعار صعبة المنال ..يتساوى في ذلك الحكومي و الخاص . إننا إذ نذكر ما نقول نؤكد علي ضرورة توفر عدد أكبر من سيارات الإسعاف المجانية أو بسعر خدمة معقول  أو مقبول وفي متناول الجميع  في مستشفي المحلية لتلبية الحاجات الملحة و الطارئة لمستشفي حلفا و سكانها كخدمة  مرافقة و حيوية  للخدمات الصحية .و نضيف هنا أن رسوم دعم الخدمات الطبية ..بما فيها خدمات الإسعاف تؤخذ من تجار السوق  في حلفا بما فيها الصيدليات التجارية و لذا نفترض أن تيسّر هذه المصاعب للمواطنين .
ولعلنا نذكر الخبر المنسي الذي كان يسمي بالمراكز الصحية  علي نطاق المحلية و التي تنتشر علي نطاق أرياف حلفا بكل قراها و حتي المدينة باحيائها المختلفة . فمنذ التهجير كانت تقوم بتخفيف الضغط علي مستشفي حلفا المركزي و تسهيل و تيسير  العلاج لسكانها بدلاً من اهمالها ..و الآن جميعها اغلقت و باتت اثراً بعد عين .
لقد كانت هنالك كثيراً من الوعود بانشاء مستشفي ريفي بالقرية (3) دبيرة وسط و من ثم اقفل الملف بعد زيارات ميدانية كانت اشبه ما تكون بالبروفات ..
     

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ضحايا الإتجار بالبشر من لهم إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(3-3)

مسلسل إغتيال الأراضي الزراعية بولاية الخرطوم

السودان ... العنف الجنسي يتخلل اكبر عملية نزوح على مستوى العالم