ضحايا الإتجار بالبشر من لهم إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(3-3)


ضحايا الإتجار بالبشر من لهم
إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(3-3)

** دكتور يحي محمد مختار : إلتقيت بإسماعيل في مكتب حقوق الإنسان  بمكة المكرمة جمعتنا شكوى جور الكفيل وظلمه
** إسماعيل سيد إسماعيل : لا أستطيع النظر لأبنائي في أعينهم وقد ضاعت عليهم سنوات من الدراسة الجامعية
** منظمة العمال المهاجرين : الكفيل هو من قرر سجنه ونفذت السلطات السعودية أوامره وكان الكفيل هو القاضي والخصم
** منظمة العمل الدولية : تقدر أرقام ضحايا الإتجار بالبشر لأغراض العمل بالسخرة، أو الإجبار على العمل بحوالى إثنى عشر مليونا وثلاثمائة ألف نسمة
** تقرير أمريكي :  يتعرض رجال ونساء سودانين للعمالة القسرية من بين 9 دول اخرى كما يستخدم أطفال سودانيين كمتسولين من ضمن أربعة دول اخرى
الخرطوم : مكة المكرمة : نبوية سرالختم
تطرقنا إلى حكاية السوداني إسماعيل سيد إسماعيل في الحلقات السابقة وتعرفنا على نظام العبودية بثوبه الجديد ( الكفالة ) والذي سألت عنه رئيس منظمة العمال المهاجرين وحقوق الإنسان دكتور يحي محمد مختار والذي عانى من ويلات هذا النظام وذاق مرارات سجن الكفيل مما دعاه لينشئ هذه المنظمة بعد عودته للسودان لتعمل كاول منظمة طوعية على مستوى العالم في مكافحة الإتجار بالبشر في إطار الإتفاقات الدولية يقول دكتور يحي عن هذا النظام : أنه نظام مستمد من عادات وتقاليد المجتمع السعودي والمقصود منه المحافظة على أموال الكفيل والدولة  من الأجنبي المختلف العادات الطامع في الثروات هذا حسب تعريفهم لاكما هو معلوم لدى الكثير من السودانين وبموجب هذا النظام فإن الكلمة الأولى والأخيرة للكفيل حيث أن مايوافق عليه الكفيل يتم تنفيذه حتى لووصل الأمر إلى سلب جميع مستحقات العامل أو قتله دون أن تفعل له السلطات أى شئ لان المكفول في النهاية عبد !!
ويضيف : هذا النظام يمثل عبودية مطلقة وينافي قوانين العمل والمواثيق الدولية وتعاليم الإسلام الذي يحض على المساواة وعدم العنصرية ويعنى بإعطاء الأجير أجره .
وواصلنا في هذه الحلقة الماضية نشر القصة بالكامل للسوداني إسماعيل سيد إسماعيل وأسرته وفق المستندات التي تحصلت ( الشاهد ) على نسخة منها
وأوضحنا كيف أن الشركة أقرت بإستلام أوراقهم الثبوتية بغرض التجديد ولم يتحصلوها منهم حتى تاريخ كتابه هذه السطور بجانب مانشرناه من قرار اللجنة الإبتدائية بوزارة العمل والذي نص على عدم جواز النظر في الدعوى بنص المادة (13) عمل بإسقاطها للتقادم وإستانف إسماعيل عن القرار وصدر عن الإستئناف بعد المداولات قرار رقم 1744/425 بتاريخ 28/11/1425 بتأييد قرار اللجنة الإبتدائية لتسوية الخلافات بجدة .
رئيس منظمة العمال المهاجرين وحقوق الإنسان دكتور يحي محمد مختار إلتقى بإسماعيل في مكتب حقوق الإنسان بمكة المكرمة وجاء لقاءهما على قول أن المصائب يجمعن المصابين فقد تشابه الرجلان في المصيبة التي جمعتهما وهي شكوى جور الكفيل وظلمه وإن إختلفت قصة كل منهما يقول دكتور يحي عن حكاية إسماعيل معه : إلتقيت بإسماعيل في مكة المكرمة وكانت له قضية في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان منذ حوالي أربعة سنوات , أبديت له رغبتي في مساعدته وإتفقت معه على ان نتقابل لأناقش معه قضيته كسودانيين فوقتها لم تكن المنظمة قد أنشئت بعد وبالفعل جاء لمقابلتي في الشقة التي كنت أسكن فيها وتبادلنا معاً حكاياتنا في سجن الكفيل وقد لاحظت عليه علامات الإعياء والمرض كما كان مكتئباً جداً كثير السرحان أثناء حديثي معه وأوضح لي انه هو وزوجته يتمنون الموت اليوم قبل غد لصعوبة مايعانونه هم وأبناءهم وشكى لي أن لايستطيع النظر إلى أبناءهم في أعينهم وقد ضاعت عليهم سنوات من الدراسة الجامعية التي لم يدخلوها بعد رغم إجتيازهم لإمتحانات الشهادة الثانوية من المدارس السودانية قبل سنوات وذلك بسبب إحتفاظ مايسمى بالكفيل بجوازات سفرهم وإقاماتهم ورفضه إعطائها لهم وكانوا يسكنون في شقة متواضعة أعطاءهم لها أحد الأشخاص في مبنى متواضع ولم يكونوا يملكون قوت يومهم بسبب تكبيل ما يسمى بالكفيل له ومنعه من العمل لمدة 11 عام ويواصل يحي : لاظت انه مر بنفس خطوات المعاانة التي خطيتها بين المحاكم ومكاتب العمل مع إختلاف ظروفه وعرفت انه تم سجنه لمدة عامين ونصف بدون أمر قضائي وبدون ان تتم غدانته وعرفت فيما بعد ان الكفيل هو من قرر سجنه ونفذت السلطات السعودية أوامره وكان الكفيل هو القاضي والخصم وهذا يخالف الإسلام وشريعته جملةً وتفصيلا ويخالف المواثيق والقوانين الدولية التي تدعو لإحترام كرامة الإنسان وحريته ويذهب قائلاً : وعدته بانني لن أتخلى عنه وسادافع عن قضيته بعد عودتي للسودان فقمت بعد تأسيس المنظمة برفع شكوى لوزير العدل السوداني أوضحت فيها ما تتعرض له هذه الأسرة السودانية المكلومة من أضرار وإنتهاكات دينية واخلاقية وقانونية وإنسانية يندي لها الجبين ولاشك ان هذه الأفعال تسئ للإسلام وللإنسانية كثيراً خصوصاً وان حوادث تكرارها لتحصى ولاتعد ولدينا الآن أربعة قضايا أخرى سنقدم بخصوصها بلاغات لجهات الإختصاص .
ويواصل دكتور يحي في مايخص قضية إسماعيل قائلاً : قمنا بزيارة منزل أقرباء الأسرة بالخرطوم واوضحنا لهم الوضع الذي عليه إسماعيل واسرته والذي كانوا على جهل تام به وقد لاحظت ان الأسرة لاتستطيع إستيعاب مدى هذه الوحشية وهي في غاية الإندهاش من حدوث هذه المخالفات في الأراضي المقدسة والاسرة في غاية الحزن والغضب وأبلغتنا انها لن تتخلى عن رد كرامة أقاربها المنتهكة ويذهب إلى أنهم كمنظمة يرون ان ما يحدث لإسماعيل وغيره من السودانيين يمثل إنتهاكاً خطيراً لكرامتهم وترى ان لديها علامات إستفهام كبيرة عن الدور الذي يمكن ان تلعبه مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية وغير الإنسانية في الإساءة للإسلام ونتمنى ان نجد من يجيب بصدق علماً بان الإساءة للإسلام تنعكس على جميع الدول الإسلامية والمسلمين بلا إستثناء وبهذا الخصوص فإن من واجب المنظمة حسب إختصاصها الدفاع عن جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ولن نستثني أي باب قانوني يمكن طرقه داخلياً او خارجياً ونطالب من هذا المقام الحكومة السودانية ووزارتها الخارجية المعاملة بالمثل حسب القوانين الدولية مع الدول التي تنتهك حقوق وكرامة سودانيين بالخارج مما يدخل تحت طائلة الإتجار بالبشر الذي تعرضت له وأسرتي وتعرض له إسماعيل واسرته ومئات السودانيين العاملين بالخارج .
ماقاله دكتور يحي يجعلنا نبحث عن مفهوم الإتجار بالبشر والذي ظهر على مستوى العالم واصبحت تصدر بخصوصه تقارير دولية توضح إنتهاكات الدول .
فالإتجار بالبشر حسب المؤسسة القطرية لمكافحة الإتجار بالبشر يتضمن أعمالا غير مشروعة كالتهديد أو استخدام القوة وغيرهما من أشكال الإكراه أو الغش، بجانب الاستغلال فى العمل وتشير تقارير منظمة العمل الدولية إنّ أرقام ضحايا الإتجار بالبشر لأغراض العمل بالسخرة، أو الإجبار على العمل تقدر بحوالى إثنى عشر مليونا وثلاثمائة ألف نسمة وأن الإتجار بالبشر لغاية الإجبار على العمل هو في تزايد مستمر وفق تأكيدات الحكومة السعودية كواحدة من البلدان توجد بها العمالة السودانية بكثرة ، فحسب وكالة الأنباء السعودية :" إنه بموجب التشريع الذى أقره مجلس الوزراء فى المملكة العربية السعودية يواجه التجار عقوبة تصل إلى السجن 15 عاما أو غرامة تبلغ مليون ريال (266700 دولار أمريكى) أو العقوبتين معا ) ويشير نص تقرير صادر عن الخارجية الأمريكية في يونيو للعام 2010 خاص عن الإتجار بالبشر ( تحصلت الشاهد على نسخة منه ) في الجزئية الخاصة بالمملكة العربية السعودية والتي كانت ضمن 17 دوله ضمها تقرير العام 2009 مهددة بعقوبات أمريكية تتضمن ايقاف المساعدات باستثناء ذات الطابع الانساني، ووضع قيود على التعاملات التجارية ومعارضة القروض المقدمة من صندوق النقد الدولي ..
يقول تقرير الحكومة الأمريكية لعام 2010 في الجزيئة الخاصة بالمملكة العربية السعودية : ان الرجال والنساء السودانيين يتعرضون للإتجار بالبشر خاصة العمالة القسرية من بين 9 دول اخرى هي بنغلاديش والهند وسيريلانكا والنيبال وباكستان والفلبين وأندونيسيا وأثيوبيا وكينيا كما يستخدم أطفال سودانيين كمتسولين من ضمن أربعة دول اخرى هي اليمن ونيجيريا وباكستان وتشاد
وحسب التقرير يتعرض مواطنوا هذه الدول إلى أنواع معينة من الإنتهاكات منها العمالة القسرية داخل المنازل والحرمان من التحرك والإتصالات واخذ الجواز والإقامة والتهديد والإعتداء الجسدي والجنسي والعمل دون اجر في بعض الحالات ويجد  العمال المهاجرون أنفسهم في أوضاع عمل مختلفة تماماً عن العقود التي وقعوها في بلدانهم
ويشير التقرير إلى ان الحكومة السعودية لاتلتزم تماماً باقل المعايير من مكافحة الإتجار بالبشر ويتعرض الكثير من العمال في كثير من  الحالات لسلب جوازات سفرهم ورفض إعطائهم تأشيرات الخروج النهائية وهنالك سعوديين وموظفين حكوميين ينكروا الإتجار بالبشر خاصة الحالات المتعلقة بالإنتهاكات الجنسية وكما يأخذ هؤلاء الموظفين رشاوى من الكفلاء ويستعرض التقرير نموذج لمواطنين إندونيسيين بقوله : ان الحكومة الندونيسية بالتعاون مع منظمة  الهجرية الدولية أرسلت بعثة  لتقييم حالات العمالة المنزلية الأندونيسية ووجدوا 150 أندونيسية وضعتهم السفارة في ملجأ لانها لاتستطيع تسفيرهم بعد ان أخذ الكفلاء إقاماتهم وجوازات سفرهم كما تم رفض عمل تأشيرات خروج نهائية لهم
ويذهب التقرير إلى ان العمال المهاجرين يواجهون تأخير شديد في اجراءاتهم في الجهاز العدلي وجهاز الهجرة السعودي وعقبات حتى في سبيل الوصول للعون القانوني والإستشارات القانونية كما تأخذ القضايا ضد الكفلاء زمن كبير في الإجراءات القضائية مما يضطرهم أن يتازلوا عنها في سبيل إيجاد فرصة العودة لبلدهم من غير حقوقهم القانونية والمالية ويدفع ضحايا الإتجار بالبشر ثمنا مخيفا يتمثل في الإيذاء الجسدى والنفسى والأخلاقى بما في ذلك الإصابة بالأمراض، وإعاقة النمو الذي غالبا ما يترك أثرا دائما ويتم نبذهم من قبل عائلاتهم ومجتمعاتهم، وغالبا ما يضّيع ضحايا الاتجار بالبشر فرصا هامة من النمو الاجتماعية والأخلاقية والروحية ويكون استغلال الضحايا أحيانا مستفحلا: إذ يتم الإتجار بالأطفال ليعملوا في أعمال معينة ثم يجرى استغلالهم لأشياء أخرى كالتسول والسرقة والرذيلة .
** من المحرر :
يقول الكاتب طه إبراهيم في كتابه  ( هذا أو التخلف ) : أن مؤسسة الرق عميقة الجذور في المجتمع العربي مجتمع الغزو والتجارة ورعي الإبل ويستدل على ذلك بأن جل سكان جزيرة العرب قديماً كانوا يعيشون في قبائل رعوية , رحالة تتنافس على قليل من الكلا والماء , وقلة منهم كانت قد أقامت مدناً تجارية متنافسة كمكة ويثرب والطائف مستفيدة من الحيوان الغالب لديهم الإبل – سفينة الصحراء لنقل البضائع بين أركان الجزيرة العربية , وكانت القوافل الناقلة لهذه البضائع تحتاج إلى حماية عند مرورها عبر مناطق كافة القبائل , في مثل هذه البيئة كان لابد ان يشكل غزو القبائل بعضها لبعض أو نهبها للقوافل ممارسة مشروعة بل هو أحد وسائل كسب الرزق والثروة خاصة وان القبائل العربية عرفت واستوعبت الرق وكان الأرقاء مصدر ثروة وقوة لمن يمتلكونهم سواء بيعوا كسلع ثمينة أو أستخدموا في الرعي والزراعة التي لايطيقها ولايصبر عليها البدوي...
ويعتقد البعض ويتصور ان هذه المؤسسة قد وهنت أوصالها وتراجع صلفها ولم يتبقى منها غير أحداث طوتها صفحات التاريخ بإنتشار الإسلام في جزيرة العرب قديماً بمحاولته إضعاف قبضة هذه المؤسسة وكذلك ما يزاع وينشر حالياً عن إتفاقات ومواثيق تنص على إحترام حقوق الإنسان وكرامته بين الدول ..
لكننا كشفنا عبر هذا التحقيق أن هذه المؤسسة مازالت جاثمة في جزيرة العرب لكن في ثوب جديد عرف بنظام الكفالة وقع في أسره المئات من السودانيين من بينهم إسماعيل سيد إسماعيل وأسرته الذين حرموا من العودة لوطنهم منذ العام 1999 بواسطة الكفيل وتعرضوا ومازالوا يتعرضون للكثير من الإنتهاكات القانونية والإنسانية مما يدخل تحت طائلة الإتجار بالبشر .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مسلسل إغتيال الأراضي الزراعية بولاية الخرطوم

السودان ... العنف الجنسي يتخلل اكبر عملية نزوح على مستوى العالم