إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل (1-3)



الإتجار بالبشر في جزيرة العرب ... عودة الجاهلية الأولى
إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(1-3)

** منظمة العمال المهاجرين وحقوق الإنسان : تعرض إسماعيل واسرته للكثير من الإنتهاكات القانونية والإنسانية مما يدخل تحت طائلة الإتجار بالبشر
** تقرير أمريكي يونيو 2010: يتعرض مواطنون سودانيون بالمملكة العربية السعودية إلى إنتهاكات ناتجة عن العمالة القسرية ويتعرض أطفال سودانيون إلى الإستغلال في التسول
** دكتور يحي محمد إدريس : في نظام الكفالة الكلمة الأولى والأخيرة للكفيل دون أن تفعل له السلطات أى شئ لان المكفول في النهاية عبد
** أسرة الزوجة سامية : إضطررنا ان نبيع حصاد غربتهم ونرسله لهم حتى يستطيعوا مواجهة ظروفهم  بعد حرمانهم من مستحقاتهم المادية
** إسماعيل سيد إسماعيل : حبست دون وجه حق والمحكمة لم تدينني بضياع ريال واحد  بل كلها حسب نظام الشركة مبالغ موجودة لدى العملاء بالسوق وتم سداداها بشيكات


الخرطوم : مكة المكرمة : نبوية سرالختم
يقول الكاتب طه إبراهيم في كتابه  ( هذا أو التخلف ) : أن مؤسسة الرق عميقة الجذور في المجتمع العربي مجتمع الغزو والتجارة ورعي الإبل ويستدل على ذلك بأن جل سكان جزيرة العرب قديماً كانوا يعيشون في قبائل رعوية , رحالة تتنافس على قليل من الكلا والماء , وقلة منهم كانت قد أقامت مدناً تجارية متنافسة كمكة ويثرب والطائف مستفيدة من الحيوان الغالب لديهم الإبل – سفينة الصحراء لنقل البضائع بين أركان الجزيرة العربية , وكانت القوافل الناقلة لهذه البضائع تحتاج إلى حماية عند مرورها عبر مناطق كافة القبائل , في مثل هذه البيئة كان لابد ان يشكل غزو القبائل بعضها لبعض أو نهبها للقوافل ممارسة مشروعة بل هو أحد وسائل كسب الرزق والثروة خاصة وان القبائل العربية عرفت واستوعبت الرق وكان الأرقاء مصدر ثروة وقوة لمن يمتلكونهم سواء بيعوا كسلع ثمينة أو أستخدموا في الرعي والزراعة التي لايطيقها ولايصبر عليها البدوي...
يعتقد البعض ويتصور ان هذه المؤسسة قد وهنت أوصالها وتراجع صلفها ولم يتبقى منها غير أحداث طوتها صفحات التاريخ بإنتشار الإسلام في جزيرة العرب قديماً بمحاولته إضعاف قبضة هذه المؤسسة وكذلك ما يزاع وينشر حالياً عن إتفاقات ومواثيق تنص على إحترام حقوق الإنسان وكرامته بين الدول ..
لكننا سنكشف عبر هذا التحقيق أن هذه المؤسسة مازالت جاثمة في جزيرة العرب لكن في ثوب جديد عرف بنظام الكفالة وقع في أسره المئات من السودانيين من بينهم إسماعيل سيد إسماعيل وأسرته الذين حرموا من العودة لوطنهم منذ العام 1999 بواسطة الكفيل وتعرضوا ومازالوا يتعرضون للكثير من الإنتهاكات القانونية والإنسانية مما يدخل تحت طائلة الإتجار بالبشر .
ويعترف بالواقعة تقرير أمريكي عن الإتجار بالبشر صدر في شهر يونيو للعام  2010 بقوله :  يتعرض مواطنون سودانيون بالمملكة العربية السعودية ضمن مواطنين ينتمون لعشر دول أخرى إلى إنتهاكات ناتجة عن العمالة القسرية ويتعرض أطفال سودانيون إلى الإستغلال في التسول من ضمن أطفال خمس دول أخرى .
وقبل ان نتطرق إلى حكاية السوداني إسماعيل سيد إسماعيل يجب ان نتعرف على نظام العبودية بثوبه الجديد ( الكفالة ) والذي سألت عنه رئيس منظمة العمال المهاجرين وحقوق الإنسان دكتور يحي محمد إدريس والذي عانى من ويلات هذا النظام وذاق مرارات سجن الكفيل مما دعاه لينشئ هذه المنظمة بعد عودته للسودان لتعمل كاول منظمة طوعية على مستوى العالم في مكافحة الإتجار بالبشر في إطار الإتفاقات الدولية يقول دكتور يحي عن هذا النظام : أنه نظام مستمد من عادات وتقاليد المجتمع السعودي والمقصود منه المحافظة على أموال الكفيل والدولة  من الأجنبي المختلف العادات الطامع في الثروات هذا حسب تعريفهم لاكما هو معلوم لدى الكثير من السودانين وبموجب هذا النظام فإن الكلمة الأولى والأخيرة للكفيل حيث أن مايوافق عليه الكفيل يتم تنفيذه حتى لووصل الأمر إلى سلب جميع مستحقات العامل أو قتله دون أن تفعل له السلطات أى شئ لان المكفول في النهاية عبد !!
ويضيف : هذا النظام يمثل عبودية مطلقة وينافي قوانين العمل والمواثيق الدولية وتعاليم الإسلام الذي يحض على المساواة وعدم العنصرية ويعنى بإعطاء الأجير أجره .
نعود إلى قصة إسماعيل وأسرته والتي تعرفت إليها من خلال زيارة أسرتهم بالخرطوم والتواصل الهاتفي مع المتضررين عبر منظمة العمال المهاجرين وحقوق الإنسان وسمعت منهم الحكاية كاملة وأستلمت بعدها كافة المستندات التي تخص قضيتهم والتى قُدمت بخصوصها شكوى لوزارة العدل السودانية بواسطة هذه المنظمة حولت لوكيل وزارة الخارجية للإختصاص ..
يقول نص الشكوى : ( ان المواطن السوداني إسماعيل سيد إسماعيل (53) عام وزوجته سامية على محمد وأبناءهما خالد (21) سنة وأنور (18) سنة وعمار (16) سنة ومريم (12) سنة  محرومون من العودة لوطنهم السودان منذ العام 1999 بعد ان استحوذ على جوازات سفرهم وإقاماتهم بواسطة مايسمى بالكفيل سليمان عبد العزيز الراجحي " سعودي الجنسية " عبر شركته ( الراجي للصناعات والتجارة ) شركة الواحة بالسعودية وسليمان عبد العزيز الراجحي موجود بالسودان كمستثمر وقد شاهده الضحايا في تلفزيون السودان متحدثاً عن طيبة اهل السودان وقد تألموا لذلك وقد تعرض إسماعيل للسجن بدون امر قضائي لمدة سنتين ونصف دون تسليمه حقوقه العمالية وتم منعه بعد ذلك من العمل لإعالة نفسه وعائلته منذ العام 1999 وهو مريض بالضغط والسكري والربو ويتلقى العلاج بواسطة محسن فلسطيني ويقوم بالصرف المادي عليه وعلى أسرته محسنين سودانيين وحرم أبناءه من الدراسة في المدارس السعودية .
عليه نلتمس فتح بلاغ في مواجهة المدعو سليمان عبد العزيز الراجحي وإتخاذ جميع الإجراءات القانونية تجاهه قبل مغادرته البلاد ورد جميع الحقوق لاصحابها ورد الأسر السودانية المكلومة إلى بلدها معززة مكرمة )
لم يكن صعباً الوصول إلى أهل الأسرة المتضررة بالخرطوم لمعرفة بعض المعلومات التي تخصهم قبل وصول المستندات اللازمة وهناك بمنزل وصال علي محمد أخت زوجة إسماعيل سامية إلتقينا ببقية إخوتها أمين وياسر علي محمد طه تحدثت وصال قائله : تحصل إسماعيل قبل أن يتزوج أختنا سامية على عقد عمل من شركة الراجحي وسافر إلى السعودية في بداية عام 1987 وفي منتصف العام تزوج سامية ولحقت به إلى حيث يقيم بالمملكة وكانت الامور تسير كما يرام ولم تكن تواجههم أي مشكلة وكم مرة زاروا البلاد في العطلات حتى عام 1993 عرفنا منهم بحدوث مشاكل مع الكفيل لكن لم نكن نعرف عن هذه المشاكل شئ سوى أنها مشاكل مالية ادخله بموجبها السجن وقضى بالحبس لمدة عامين ونصف رغم عدم وجود امر قضائي يامر بذلك لبراءته من التهمة المنسوبة إليه .
سألته كيف كانت اوضاعهم بعد ذلك فأجابت : علمنا منهم ان الكفيل طوال فترة بقاء إسماعيل في الحبس لم يكن يعطي أسرته مستحقاتهم رغم انه غير مدان وأصبحوا بعد ذلك في ظروف سيئة مما إضطرنا لان نبيع حصاد غربتهم وهي مزرعة وأرض وارسلنا لهم الاموال حتى يستطيعوا ان يعيشوا هنالك وتنقلوا بعد خروج إسماعيل من الحبس بين الطائف والرياض ومكة عن طريق أذونات من السلطات فجوازتهم وإقاماتهم محتجزة عند الكفيل الذي رفض إعطاءهم لها وأبناءهم حرموا من الدراسة في المدارس السعودية وتم إلحاقهم بالمدارس السودانية وقد وصولوا لمرحلة الدراسة الجامعية لكن لن يستطيعوا المجئ إلى هنا لانهم محجوزين هناك .
وتعلق وصال قائلة : مايمر به إسماعيل وأسرته مسئولية الحكومة السودانية ومسئولية سفارتها هناك والتي لم تستطيع ان تعمل أي حل لمشكلة هذه الأسرة المظلومة وتؤكد وصال وإخواتها في ختام حديثها أنهم سيستمرون  في إجراءات الشكوى التي قدموها عبر منظمة العمال المهاجرين وحقوق الإنسان وسيلاحقون كافة الجهات لإستعادة إسماعيل واسرته وإعطاءهم حقوقهم كاملة غير منقوصة وتعويضهم عن سنوات الحرمان الذي عاشوه .
لم نجد ما يكفي من معلومات لدى أسرة سامية لعدم إحاطتهم طيلة تلك  السنوات بما يعانونه هناك امسكت بكافة الخيوط بعد حديثي مع إسماعيل وسامية وإرسالهم كل ما يخصهم من مستندات فحسب إسماعيل ونص الخطاب الذي أرسله عبر الشاهد للرئيس عمر حسن أحمد البشير ليتدخل وينصفه يقول : ( التحية من أحد أفراد الشعب السوداني ضاقت به دنيا الغربة والظلم بسبب المحسوبية وعدم القدرة على تنفيذ القرارات التي تصدر من الجهات المسئولة والموضوع  بإختصار شديد : انه تم التعاقد معي في السودان عام 1987 من قبل شركة الراجحي للمواد الغذائية وبعد فترة حصلت مشكلة وذلك بالإدعاء عليّ في إهدار اموال الشركة التي بلغت مليون وأربعمائة ألف حسب إدعاء الشركة وهو غير صحيح وقدمت للمحكمة ولم تثبت أي إدانه في ضياع ريال واحد للشركة بل كلها حسب نظام الشركة مبالغ موجودة لدى العملاء بالسوق وتم سداداها بشيكات وعلى هذا الأساس أصدر قاضي المحكمة الكبرى الصلح بيني وبين الشركة بإصدار صك صلح بتاريخ 7/5/1420 ثم بعد ذلك لم أخرج من السجن الا بعد سنتان وستة أشهر بعد إصدار  قرار من صاحب السمو الملك عبدالله بالرجوع إلى الشرع مرة أخرى والذي قام بدوره بإصدار قرار شرعي يلغي الصك الشرعي الذي تم إصداره سابقاً وذلك بإطلاق سراحي وتحميل الشركة مسئولية سجني وتصحيح وضعي ووضع أسرتي وان الشركة مفرطة والمفرط اولى بالخسارة .
لكن لم يتم تنفيذ أي من هذه القرارات ثم أرسلت برقية مرة أخرى لصحاب السمو الملكي الملك عبد الله بعد توليه  الحكم للإستفادة من المكرمة الملكية التي أصدرها للعفو عن جميع الحقوقيين داخل وخارج السجن تم الرد على البرقية كما ذكر في القرار الشرعي بان الشركة هي المفرطة والمفرط اولى بالخسارة وان ليس لدى أدنى مسئولية .
تم قفل القضية في الحقوق المدنية وتحويل الملف إلى الإرشيف منذ عام 1426 منذ ذلك ا لتاريخ تبرأت الحقوق المدنية من إحضار الإقامة وجوازات الأسرة من الشركة بعد ان قامت الحقوق بتسليمها الشركة بغرض التجديد .
بعد ان عجزت في أخذ حقوقي وإقامتي وجوازاتي لجات منذ ثلاث سنوات إلى القنصلية السودانية بجدة وقدمت ملفاً كاملاً يشمل كل تفاصيل هذه المشكلة وقامت القنصلية بتحويله إلى وزارة الخارجية السعودية ومنذ ذلك الحين لم يتم أي جديد في هذه القضية كذلك قمت بتقديم شكوى إلى جمعية حقوق الإنسان بجدة قبل أربع سنوات ولم يتم تحريك أي ساكن حتى ا لآن
قديماً قال سيدنا عمر رضي الله عنه لوعثرت بقرة بالشام لكنت مسئولاً عنها أمام الله يوم القيامة ونحن إذ نكتب هذا المعروض بعد ان ضاقت بنا ليالي الغربة لاكثر من عشر سنوات بدون إقامه وبدون عمل ولاحتى هوية واصبحت الأسرة المكونة من ستة أفراد في مهب الريح والضياع والشتات واطلب من الله ومنك ياسيدي الرئيس وانت فرصتنا الأخيرة لإنقاذنا من هذه المحنة وغنقاذ مستقبل اولادنا ان تتدخل لإنهاء هذه القضية بما ترونه مناسباً رحمة بي وبأسرتي التي لاذنب لها وإرجاع حقوقي المادية والمعنوية وجوازاتي واسرتي وإرجاعنا إلى وطننا الحبيب . )  



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ضحايا الإتجار بالبشر من لهم إسماعيل وأسرته ... أكثر من 17 عاماً في سجن الكفيل(3-3)

مسلسل إغتيال الأراضي الزراعية بولاية الخرطوم

السودان ... العنف الجنسي يتخلل اكبر عملية نزوح على مستوى العالم