المشاركات

سلطة المعرفة في السودان: المثقف بين دور التأثير ومحنة الصمت

الحلقة الرابعة: مسارات المثقف خلال الحرب – بين الانكسار والتحوّل تحقيق : نبوية سرالختم حين تعمّ الفوضى، ويغدو الخراب نظاماً، لا يُستدعى المثقف ليشهد فقط، بل ليُعيد ترتيب الفوضى ذاتها. دوره لا يُقاس بترف اللحظة ولا رفاهية الاستقرار، بل بقدرته على صوغ المعنى من داخل الفقد، وإعادة بناء الوعي حين تتفكك البنى الاجتماعية، السياسية، والمعرفية. لكن هذا الدور لم يكن دوماً على هذا النحو الدفاعي أو الهامشي. فالمثقف السوداني، قبل الحرب، كان يتمتع بموقع خاص داخل الحقل العام: كان منتجاً للسرديات، وصاحب رأي في السياسة والاجتماع، وحارساً معرفياً ضد السلطوية والتزييف. من قاعات الجامعات، إلى صفحات الصحف، إلى منصات النقاش العام، لعب المثقف دوراً مركزياً في نقد الدولة، وفي إعادة مساءلة الخطابات الرسمية والمعارضة معاً. بل كان – في كثير من الأحيان – هو من يصوغ المصطلحات، ويؤطر النقاش، ويقترح البدائل. غير أن اندلاع الحرب في أبريل 2023 قلب المعادلة رأساً على عقب. تفككت الدولة، وتلاشت المؤسسات، وسقطت الحريات العامة، ووجد المثقف نفسه فجأة في زمن بلا مركز، بلا منابر، بلا جمهور متماسك، وأحياناً بلا لغة قادرة على ...

سلطة المعرفة في السودان: المثقف بين دور التأثير ومحنة الصمت

الحلقة الثالثة: جمهور المثقف – من يصغي إليه؟ بين الخطاب المعرفي وضجيج الحرب: سلطة الصوت أم صدى الصمت؟ تحقيق : نبوية سرالختم  حين تعمّ الفوضى، ويغدو الخراب نظاماً، لا يُستدعى المثقف ليشهد فقط، بل ليُعيد ترتيب الفوضى ذاتها. دوره لا يُقاس بترف اللحظة ولا رفاهية الاستقرار، بل بقدرته على صوغ المعنى من داخل الفقد، وإعادة بناء الوعي حين تتفكك البنى الاجتماعية، السياسية، والمعرفية. كن هذا الدور لم يكن دوماً على هذا النحو الدفاعي أو الهامشي. فالمثقف السوداني، قبل الحرب، كان يتمتع بموقع خاص داخل الحقل العام: كان منتجاً للسرديات، وصاحب رأي في السياسة والاجتماع، وحارساً معرفياً ضد السلطوية والتزييف. من قاعات الجامعات، إلى صفحات الصحف، إلى منصات النقاش العام، لعب المثقف دوراً مركزياً في نقد الدولة، وفي إعادة مساءلة الخطابات الرسمية والمعارضة معاً. بل كان – في كثير من الأحيان – هو من يصوغ المصطلحات، ويؤطر النقاش، ويقترح البدائل. غير أن اندلاع الحرب في أبريل 2023 قلب المعادلة رأساً على عقب. تفككت الدولة، وتلاشت المؤسسات، وسقطت الحريات العامة، ووجد المثقف نفسه فجأة في زمن بلا مركز، بلا منابر، بلا ...

سلطة المعرفة في السودان: المثقف بين دور التأثير ومحنة الصمت

الحلقة الثانية: الصمت، المنفى، أو الاصطفاف حين تتكلم البنادق، من يجرؤ على أن يكون صوتاً مستقلاً؟ تحقيق : نبوية سرالختم  حين تعمّ الفوضى، ويغدو الخراب نظاماً، لا يُستدعى المثقف ليشهد فقط، بل ليُعيد ترتيب الفوضى ذاتها. دوره لا يُقاس بترف اللحظة ولا رفاهية الاستقرار، بل بقدرته على صوغ المعنى من داخل الفقد، وإعادة بناء الوعي حين تتفكك البنى الاجتماعية، السياسية، والمعرفية. لكن هذا الدور لم يكن دوماً على هذا النحو الدفاعي أو الهامشي. فالمثقف السوداني، قبل الحرب، كان يتمتع بموقع خاص داخل الحقل العام: كان منتجاً للسرديات، وصاحب رأي في السياسة والاجتماع، وحارساً معرفياً ضد السلطوية والتزييف. من قاعات الجامعات، إلى صفحات الصحف، إلى منصات النقاش العام، لعب المثقف دوراً مركزياً في نقد الدولة، وفي إعادة مساءلة الخطابات الرسمية والمعارضة معاً. بل كان – في كثير من الأحيان – هو من يصوغ المصطلحات، ويؤطر النقاش، ويقترح البدائل. غير أن اندلاع الحرب في أبريل 2023 قلب المعادلة رأساً على عقب. تفككت الدولة، وتلاشت المؤسسات، وسقطت الحريات العامة، ووجد المثقف نفسه فجأة في زمن بلا مركز، بلا منابر، بلا جمهو...

سلطة المعرفة في السودان: المثقف بين دور التأثير ومحنة الصمت

الحلقة الأولى : ما تبقى من سلطة المثقف السوداني في زمن الحرب تحقيق : نبوية سرالختم  حين تعمّ الفوضى، ويغدو الخراب نظاماً، لا يُستدعى المثقف ليشهد فقط، بل ليُعيد ترتيب الفوضى ذاتها. دوره لا يُقاس بترف اللحظة ولا رفاهية الاستقرار، بل بقدرته على صوغ المعنى من داخل الفقد، وإعادة بناء الوعي حين تتفكك البنى الاجتماعية، السياسية، والمعرفية. لكن هذا الدور لم يكن دوماً على هذا النحو الدفاعي أو الهامشي. فالمثقف السوداني، قبل الحرب، كان يتمتع بموقع خاص داخل الحقل العام: كان منتجاً للسرديات، وصاحب رأي في السياسة والاجتماع، وحارساً معرفياً ضد السلطوية والتزييف. من قاعات الجامعات، إلى صفحات الصحف، إلى منصات النقاش العام، لعب المثقف دوراً مركزياً في نقد الدولة، وفي إعادة مساءلة الخطابات الرسمية والمعارضة معاً. بل كان – في كثير من الأحيان – هو من يصوغ المصطلحات، ويؤطر النقاش، ويقترح البدائل. غير أن اندلاع الحرب في أبريل 2023 قلب المعادلة رأساً على عقب. تفككت الدولة، وتلاشت المؤسسات، وسقطت الحريات العامة، ووجد المثقف نفسه فجأة في زمن بلا مركز، بلا منابر، بلا جمهور متماسك، وأحياناً بلا لغة قادرة على...

إنتحار الشعراء.. مشاهد خانقة تتجول بين فصول شفافة(3-3)

الراحل عبد الله شابو : للشاعر عالم مختلف يزينه بحساسية وطموح خيالي ووفق هذا العالم يقرأ الواقع وجدانياً "بحسه لابعقله" شابو : إذا رفض الناس توجه الشاعر الكامل للحياة "رفضهم شعره " أو لم يجد القنوات التي يفرغ فيها ذاته يمكن أن يموت "كمداً " وهو صاحب القرار في ذلك تحقيق : نبوية سرالختم حين يعجز العالم عن إحتضان ارواح شفافة مثل أرواح الشعراء وتخفيف آلامهم الناتجة عن شعورهم بقبح الواقع وظلمه تتكشف نصوصهم عن تجارب مأساوية تحمل إشارات حارقة نحو السبيل إلى الخلاص فالكتابة في لحظة ما لا تصلح لتكون مسكن لآلام الروح والعذابات والجراح أحياناً يكون الإنسحاب من هذا الواقع المظلم ليس ضعفاً بل إختياراً شجاعا من هنا يكون (الانتحارً) ليس نزوة عابرة او لحظة يأس طارئة بل حصيلة وعي بواقع مرير يشوبه انين طويل ومشاهد خانقة تتجول بين فصول دواوينهم الشفافة لتجعل من الانتحار خلاص مشروع يحمل شهادة دامغة على مأساة الانسان في عالم يطرد أنبل قاطنيه. تناولت في الحلقتين الأولى والثانية تحربة كل من الراحل محمد عبد الرحمن شسيبون والراحل عبد الرحيم ابو ذكري واشرت إلى كيف توحدت لغتهما في ال...

إنتحار الشعراء.. مشاهد خانقة تتجول بين فصول شفافة(2-3)

لم يكن التصور الفلسفي والرمزي للموت  دافعا وحيدا لإقدام شعراء على الانتحار فهناك من كافح وقدم تجربة حتى الرمق الاخير تعامل الراحل عبد الله شابو مع الموت كحالة رمزية لكنه قدم شعر مكافح حاول من خلاله تقديم تجربة تصالح بين الألم والوجود  تحقيق : نبوية سرالختم حين يعجز العالم عن إحتضان ارواح شفافة مثل أرواح الشعراء وتخفيف آلامهم الناتجة عن شعورهم بقبح الواقع وظلمه تتكشف نصوصهم عن تجارب مأساوية تحمل إشارات حارقة نحو السبيل إلى الخلاص فالكتابة في لحظة ما لا تصلح لتكون مسكن لآلام الروح والعذابات والجراح أحياناً يكون الإنسحاب من هذا الواقع المظلم ليس ضعفاً بل إختياراً شجاعا من هنا يكون (الانتحارً) ليس نزوة عابرة او لحظة يأس طارئة بل حصيلة وعي بواقع مرير يشوبه انين طويل ومشاهد خانقة تتجول بين فصول دواوينهم الشفافة لتجعل من الانتحار خلاص مشروع يحمل شهادة دامغة على مأساة الانسان في عالم يطرد أنبل قاطنيه. تناولنا في الحلقة السابقة تجربة الراحلين محمد عبد الرحمن شيبون وعبد الرحيم أبوذكري وتوجهاتهم الشعرية في محاولة لفهم الدوافع لدى كل منهما وارتباطاتها بطرق وتوجهات التفكير والتعاطي مع الظر...

إنتحار الشعراء.. مشاهد خانقة تتجول بين فصول شفافة(1-3)

الانتحار يحمل شهادة دامغة على مأساة انسان في عالم يطرد أنبل قاطنيه شيبون وأبو ذكرى مشوا على أرض بلا جاذبية وطرقوا أبواباً صمة فغادروا تحقيق : نبوية سرالختم حين يعجز العالم عن إحتضان ارواح شفافة مثل أرواح الشعراء وتخفيف آلامهم الناتجة عن شعورهم بقبح الواقع وظلمه تتكشف نصوصهم عن تجارب مأساوية تحمل إشارات حارقة نحو السبيل إلى الخلاص فالكتابة في لحظة ما لا تصلح لتكون مسكن لآلام الروح والعذابات والجراح أحياناً يكون الإنسحاب من هذا الواقع المظلم ليس ضعفاً بل إختياراً شجاعا من هنا يكون (الانتحارً) ليس نزوة عابرة او لحظة يأس طارئة بل حصيلة وعي بواقع مرير يشوبه انين طويل ومشاهد خانقة تتجول بين فصول دواوينهم الشفافة لتجعل من الانتحار خلاص مشروع يحمل شهادة دامغة على مأساة الانسان في عالم يطرد أنبل قاطنيه. هناك نماذج مؤلمة في تأريخ الشعر والأدب السوداني كل نموذج منها كان يحفر في كهف مظلم يبحث داخله عن كوة ينفذ منها إلى الخلاص فالكلمات عندهم لم تكن ترفاً أدبياً بل وسيلة دفاع اخيرة امام زحف العدم حمل شعرهم رموزأ مشتركة مثل : الريح – الظل – الغربة – الجدار – الليل – الرحيل وكانت في حصيلتها تعبر عن مأ...